في ضربة نوعية للإرهاب، استطاعت الأجهزة الأمنية، وبعد عملية تتبع دقيقة القبض على من تسول لهم أنفسهم دعم الإرهاب والتغرير بالشباب تحت ذرائع واهية، ليست من الدين، وليست سوى خيالات مريضة، استهدفت الأمن والاستقرار وعملت ما بوسعها على ترويع الآمنين في بلدنا، ونقل الفتنة الى ديارنا، لكنهم فشلوا بسبب يقظة الأجهزة الأمنية ووعي المواطنين والمقيمين. هذه الضربة شملت 431 موقوفا، وآخرين يحملون جنسيات أجنبية، لخلايا عنقودية، تمولت وأخذت توجيهاتها من الخارج، دون رادع أو تفكير في حجم الجريمة الممكن ايقاعها ببلدنا ومجتمعنا ومواردنا. وكانت هذه الخلايا التي تشربت الفكر الإرهابي المتطرف على اتصال بجماعات إرهابية في بلاد الصراع والنزاع في سوريا والعراق. وقد يكون خلف هذه الجهات أوكار استخباراتية أو أجندات اقليمية تعمل جاهدة ومستميتة على ضرب الاستقرار، والأمن في بلدنا الغالي، ظنا منهم أن النجاح مرة قد يعني النجاح كل مرة. إن هذا الانجاز الكبير ، وهذا الجهد المتميز ، طوال الأشهر الماضية، وفي شهر رمضان الكريم، حيث حاول الارهابيون استغلال حالة الاجتماع، وحالة الخشوع والايمان لدى مواطنينا، وأبناء وأفراد الأجهزة الأمنية، ليلقوا بحمم المتفجرات، وليقوموا بالتخطيط لعمليات انتحارية، لكن مشيئة الله، ثم إرادة الأجهزة الامنية، ووعي وتعاون المواطنين، أفسدت عليهم خططهم، وكشفت أسرارهم ومخططاتهم وأهدافهم. إن الإرهاب والفكر التكفيري، لم يعودا صناعة دينية، بل أصبحا صناعة سياسية باسم الدين، يستغل فيه الدين لهدف قاتل يؤدي الى الفوضى والتخريب. لقد أصبح تنظيم داعش أداة لجعل الصراعات في المنطقة، صراعات طائفية دينية لانها تخدم المصالح الدولية، وتخدم مصالح بعض الدول الاقليمية، وان حالة التجييش الطائفي والتعبئة الطائفية التي تشهدها منطقتنا، هي المصنع الرئيس لهذه الفوضى، وهناك من يجدها فرصة لتحقيق الأحلام والطموحات وتبني المشاريع الاقليمية. إن سعار الذئاب المنفردة ليس من طبعنا ولا من سلوكنا الاجتماعي، وإنما هي وصفات دخيلة، تمكنت مع غفلة الرقيب من أن تستغل العواطف الدينية لدى بعض شبابنا، وأن تأخذهم نحوها، نحو الفكر المتطرف، وهذه المرة عبر وسائل الاتصال الاجتماعي. ونحن نعلم ومنذ نهاية التسعينيات أن هناك جهات دولية واقليمية، تسهل هذه الخدمات وهذه الاتصالات، وتطالب في ذات الوقت بمراقبة الممولين والنشطاء والمغررين بالشباب، لكنها لا تعمل على إبطال الخوادم التي تستفيد منها هذه التنظيمات. كما أنه - وللأسف - هناك دول اقليمية قد تبنت جيوشا الكترونية، ومعامل ومعاهد للإعلام الجديد، بأسماء مزورة ومستعارة، وبدأت التصيد على مواقع التواصل الاجتماعي، والتغرير بشبابنا، عبر فتاوى مجزوءة وأحيانا غير منطقية ولم تصدر عن هيئات معروفة أو مشهود لها، ولا عن علماء ومشايخ أجلاء. وأصبحت الفوضى عامة بهدف إسقاط هذه الشرعيات الدينية والرمزية في أعين مواطنينا، وجعلهم يتبعون هذه الفتاوى التكفيرية التي لم يسلم منها مجتمعنا، التي دفعت الى أن يقتل الابن أباه، وأن يكفر أسرته، في نمط غريب استدعى التدخل الأمني لمعالجة هذه الظاهرة، بكل قوة وحزم. إن النجاحات الكبيرة التي تحققت اليوم، تحتاج لدعم سياسي وإعلامي، وأن تكون عملية دائمة، لان بعض المنخرطين في أعمال السوء، لا يدركون حجم الاختراقات الدولية والحيل الاستخبارية التي تنشط تحت ذرائع مختلفة، تعمل على إيقاظ الفتنة وإعلاء الطائفية بيننا. لكن وعي مواطنينا «سنة وشيعة» كان لمخططاتهم سدا منيعا، وكان لمتابعات ورصد الأجهزة الامنية الدور الكبير ، الأمر الذي يجعلنا كمواطنين يدا واحدة ضد الإرهاب، ويدا واحدة مع أجهزتنا الأمنية. رافعين هاماتنا وقبعاتنا احتراما لهم، وللشهداء الذين قضوا في الدفاع عن أمننا واستقرارنا، فحمى الله بلادنا، وخاب الإرهابيون ومن يقف خلفهم.