في مقابلة مع الفنان ناصر القصبي على قناة روتانا خليجية سأله مقدم البرنامج الإعلامي علي العلياني "لماذا لم تقم بانتقاد الشيعة المتطرفين كما انتقدت السنة المتطرفين" و بين المقدم أن هذا السؤال ورد على لسان الكثير من الجمهور والمتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي بعد تقديم حلقتي "داعش" في مسلسل سلفي. كانت إجابة الفنان ناصر القصبي أن هذا التساؤل يعتبر قمة الطائفية وقمة التحريض وقال إنه ليس من المعقول أن تفتش عن النقاط السلبية في الشيعة وبالتالي الشيعة يفتشون بالمثل بما عند السنة وأردف قائلاً إن هذا ليس من مهامه أو اهتماماته، كما أوضح أن عمله لا يهدف للتحريض على الآخرين بل هو يريد إيصال رسالة مفادها أننا وصلنا إلى مرحلة بشعة كما عبر عنها. لعل هذا التساؤل يبدو منطقياً ومنصفاً لا غبار عليه، فكما أن هناك أفراداً وجماعات متطرفة لدى السنة فإن لدى الشيعة أيضاً متطرفين وطائفيين لا يقبلون بالآخر ويلغونه تماما، وليس هناك مانع من انتقادهم بل لا بد من النقد وتسليط الضوء عليهم ليتضح أمرهم للجميع وليعرفوا أن هذا التطرف لا يمثل الطائفة بأكملها. ولكن هذا التساؤل أو السؤال الذي وُجه للفنان ناصر القصبي ورد في غير محله الصحيح والشخص الذي سأله أساء إلى أهل السنة قبل أن يسيء إلى غيرهم من حيث يعلم أو لا يعلم لا أدري! من قال ان "داعش" تمثل السنة؟ أو بالأحرى من يقول ان "داعش" هم من أهل السنة أساساً؟ من يتشرف بأن ينسب هذه الجماعة المجرمة الفاسقة المتجردة من جميع المعايير الأخلاقية والإنسانية والدينية إلى أهل السنة أو الإسلام من الأساس؟! إن جعل "داعش" مع أهل السنة في كفة والشيعة في كفة أخرى على الميزان ظلم كبير إلى أهل السنة وإهانة لهم وهم الذين يتبرؤون من "داعش" وأفعالها والمنتسبين إليها. عندما فجرت "داعش" مساجد الشيعة في المملكة والكويت لم يقف فرد سني حقيقي واحد مع تلك الأفعال ورأينا كيف اجتمع بعض السنة والشيعة في الصلاة الموحدة في بعض مساجد الشرقية والكويت. لا أعلم كيف يقرن البعض داعش بأهل السنة ويجعلهم في خندق واحد مقابل الشيعة، قبل أيام قليلة استشهد في الطائف أحد رجال الأمن وهو من أهل السنة على أيدي الجماعة المجرمة "داعش" فكيف أقرن الجندي الشهيد مع المجرم الذي قتله وأجعلهم ضمن جماعة واحدة؟! التطرف السني والتطرف الشيعي في أبشع صورهما لم يصلا إلى عُشر أفعال وجرائم "داعش"، فالمتطرفون الشيعة والسنة يعيشون في بلدان واحدة في الشرق وفي الغرب ولعشرات بل مئات من السنين. كما أن كثيراً من الشيعة والسنة متعايشون بسلام ومحبة في مجتمعات تحوي مكوناتها الأصلية كلا المذهبين مع وجود بعض المتطرفين منهما هنا وهناك. قد يقول قائل إن السؤال كان حول المتطرفين فقط، وأقول مرة أخرى إن أعتى المتطرفين السنة بحق يعتبر حمامة سلام أمام داعش وأخواتها التي لا تعترف بالسنة قبل الشيعة وها نحن نرى ونشاهد بعض شهادات وروايات العائدين من براثنها والتي يتضح منها أن داعش تعامل كل المنتسبين إليها في البداية معاملة الكفار الذين يدخلون الإسلام لأول مرة، حيث يتم تدريسهم التوحيد والعقائد على الأصول الداعشية التي لا تعترف بالمناهج الإسلامية السنية التي درسوها في بلدانهم ومنها المملكة. أتمنى بحق أن يأتي اليوم الذي نتجاوز فيه كل هذه التشنجات والتراكمات التي استنزفت وتستنزف الكثير من الجهد والوقت والطاقات التي يتكسب منها تجار الطائفية قوتهم على حسابنا وحساب أولادنا وأوطاننا ومقدراتنا. * كاتب