ألومك إن لم تقم بعملك كما يجب، وأعاتبك إن قمت به ولم يكتمل أو لم يكن كما يجب، ألومك إذا أخطأت بحق نفسك وأهلك ومجتمعك، وألومك إن أدرت ظهرك لهم وآثرت الأنانية بالتجاهل واللا مبالاة. ما بين حساب ولوم وعتب يتواصل الناس بعضهم لبعض لعلاج ظاهرة ما، أو التنبيه إلى مسلك زاغ عن الطريق المرسوم له. النظام يحاسبك عند تقصيرك بعملك أو الإخلال به وعند التقصير بمسؤولياتك وهو يُحاسب طبقا للإجراءات المرعية والقوانين المُنَظِّمة، وليس بالطبع حسابا أو محاسبة جزافا أو مزاجيا.. لتستمر الحياة وتستقيم وفق ضوابط مقررة ومحددة؛ منعا للالتباس والتخبط والفوضى، ونفسك تلومك على سلبياتك التي تعرفها أنت وتقرها بداخلك قبل أن يعرفها الناس، وإما أن تستمر النفس اللوامة بدق ناقوس الخطر وقرع أجراس الحس والمسؤولية والأمانة فيك، وتجعلك حينها إما أن تتراجع عن خطأ ما كنت ستسلكه أو تصرف مشين أو لنقل سلوكا سلبيا، وقد يتولى اللوم عن نفسك أهلك ومحبوك ومن هم حولك فيكون اللوم حافزا ومشجعا لك للتراجع عن قرار اتخذته لا تعلم انعكاساته، أو جهل به أو خطأ أو احتمال أو ظن أو شبهة، لذلك يأتي من يلومك ويجعلك تتراجع عن قرارك أو تتأنى فيه أو تؤجله ويكون اللوم أهون إذا صدر من الدائرة المقربة للإنسان، وأصعب إن كان من خارج تلك الدائرة، بل وأشد! لأن من لا يعرفك ليس كمن عرفك. وأعاتبك وعتابي هو مزيج من الحساب واللوم وقلما يعاتب الإنسان نفسه بل هو يحاسبها أكثر ويلومها باستمرار، أما العتاب فيصدر دائما من المحب والحريص عليك، والخائف عليك من زلة هنا أو خطأ هناك أو كبوة بين هذه وتلك أو حماقة تقلب فعلتها الدنيا رأسا على عقب. تستمر الحياة بين حساب ولوم وعتاب يقابلها الشكر والثناء والمديح، وإن استطعت الإكثار منها فأنت الرابح وإن قلّت في سجل حياتك كتب عليك الشقاء، وبقدر إيماننا المطلق بالقدر كله إلا أن الابتعاد عن الحساب واللوم والعتاب ومسبباتها قد تكون في بعض الأمور، وبأيدينا أن نبتعد عن كل ما يسبب الوقوع في إحدى تلك الثلاث، والإقبال على كل ما يوصلك للشكر والمديح والثناء وهو أصعب في حياتنا المعاصرة، وهذه ليست دعوة للتشاؤم لكن اختلاف المعايير في الحياة وتسرع الناس في الحكم عليك، صار أمر حسابك وعقابك ولومك أسرع وأسهل على الكل ممن له شأن أو من ليس له شأن، لكن يصعب استنزاع كلمة شكر أو ثناء رغم أحقيتك بها ولها وبكل المقاييس لأن البشر يستكثرون مدحك بكلمة وحتى لو استحقيتها وبالمقابل يستسهلون مذمتك وملامتك، وحتى إن تكن بريئا براءة الذئب من دم يوسف، إذا هي قاموس الحياة المعاصرة أو الحديثة أو الجديدة أو الذكية أو الرقمية أو ما شئت من مسميات مستخدمة في هذه الحقبة من تاريخ الإنسانية، يحاسبونك صباحا ويلومونك ظهرا ويجعلونك تنام معاتبا من رأسك حتى أخمص قدميك، وفي كثير من الأحيان لا تعرف لماذا وما هو السبب!. نعم.. تحاكم غيابيا من الجميع ممن له حق ومن ليس له، لذلك يصل في البعض إلى درجة متقدمة من الكآبة والإحباط والتملل من جور الآخرين وعدم فهمهم له، حتى يشككوك في ذاتك فإما أن تقبل وتتقبل حكمهم ونظرتهم إليك كيفما كانت أو لتخلد إلى الراحة وتجعل نفسك متوحدا وأنت بعيد عن التوحد، كم من البشر تمنى أن يسمع كلمة شكر أو عبارة ثناء برغم بساطتها وعذوبة قولها وحلاوة معناها، إلا أن الآخرين بخلوا عليك بها فإذا بك منكفئا على نفسك متعجبا من حالك وعندئذ تسهل الحياة وتهون الدنيا وتعرف أن الاله وحده هو من يفهمك ويعطيك ما تستحق إن في الدنيا أو الآخرة.. لذلك دعك من اليأس والانتظار من الناس كلمة ثناء أو عبارة مديح فإن فاقد الشيء لا يعطيه.. استشاري إدارة تشغيل المستشفيات وبرامج الرعاية الصحية