على الرغم من الاستقرار النسبي لأسعار النفط في الأسابيع الأخيرة، إلا أنه من المتوقّع أن تشهد تداولات الأسبوع الحالي تغيرات كبيرة نتيجة ظهور عوامل جديدة تؤثر على حالة الاستقرار ودفع الأسعار ارتفاعا أو الضغط عليها للهبوط، أهم تلك العوامل هي نتيجة اجتماع وزراء مالية منطقة اليورو بشأن ديون اليونان الذي يهدد بخروجها من منطقة اليورو، ونتائج المحادثات بشأن الملف النووي الإيراني. فبعد الهبوط الكبير في الأسعار الذي بدأ في منتصف العام الماضي، ومرورها بالعديد من القمم والقيعان، انحصر التدول في الأسابيع الأخيرة في نطاق ضيق نسيبا، واستمر خام برنت قريبا من 64 دولارا للبرميل، وتمسّك خام غرب تكساس بمستوى قريب من 60 دولارا منذ نهاية إبريل الماضي، ولم يؤثر حتى اجتماع أوبك تأثيرا يذكر على الأسعار بعكس المعتاد. وكان وزراء مالية منطقة اليورو قد رفضوا في اجتماعهم الأخير مساء السبت الماضي طلب أثينا تمديد أجل استحقاق ديونها وبرنامج المساعدات الحالي إلى ما بعد نهاية الشهر الجاري الأمر الذي قد يؤدي إلى إفلاس وخروج اليونان من منطقة اليورو رغم تصريحات مسؤولين أوروبيين أن أوروبا لن تتخلى عن اليونان ولن تسمح بخروجه من الاتحاد. وذكر الخبير النفطي الكويتي حجاج بو خضور ل «اليوم»: أن أزمة الديون اليونانية والملف النووي الإيراني أهم عاملين مؤثرين على أسعار النفط في المرحلة الحالية، مشيرا إلى أن أزمة الديون اليونانية ستقود لأزمة اقتصادية متعددة الجوانب في أوروبا ستؤثر على أسعار النفط التي تكون حساسة تجاه الأزمات المالية، معتبرا الانخفاض الأخير في الأسعار امتدادا لتأثير أزمة 2008. وأضاف إن خروج اليونان من منطقة اليورو يخفف العبء الاقتصادي على الاتحاد الأوروبي ويمكنه من العمل بشكل أفضل من جهة، لكنه قد يكون بداية لخروج دول أخرى من الاتحاد وهو ما سيوجد أكثر من أوروبا داخل القارة العجوز، ويقلل الثقة في الاتحاد ويضعف اليورو أمام الدولار؛ ما يؤثر سلبا على أسعار النفط وغيرها من السلع الأولية المقومة بالعملة الأمريكية. كما تترقب أسواق النفط الموعد النهائي للمفاوضات بشأن ملف إيران النووي بعد أيام قليلة، وستشكل النتائج تأثيرات كبيرة على أسواق النفط على المديين الطويل والقصير. وفي هذا الخصوص، يضيف الخبير الكويتي بوخضور أنه في حال انفراج المحادثات بشأن الملف النووي، فإن زيادة في الإنتاج الإيراني من النفط ستصل للأسواق وهو الأمر الذي سيضغط أكثر على الأسعار نتيجة وجود فوائض، وأضاف إن تعثّر المفاوضات سيبقي السوق في حالة عدم استقرار يستغله المضاربون لرفع الأسعار. وكانت العقوبات الغربية قد تسببت في إيقاف 1.2 مليون برميل من النفط يوميا من التدفق إلى الأسواق منذ عام 2012، وتستطيع إيران زيادة انتاجها بمعدل 400 ألف برميل يوميا في غضون بضعة أشهر، وستصل الزيادة إلى 700 ألف برميل يوميا مع نهاية عام 2015، وستتجاوز مليون برميل يوميا في 2016. كما أن الخزانات الإيرانية تحتوي على 40 مليون برميل يمكنها تسويق جزء منها في حال رفع العقوبات. ومن المتوقع في حال رفع العقوبات عن إيران أن تهبط الأسعار بمعدل يتراوح من 5 إلى 10 دولار للبرميل، وفي ظل زيادة الإنتاج الإيراني وبقاء إنتاج دول أوبك الأخرى على نفس المستوى، فإن الإمدادات العالمية ستزداد وهو ما سيزيد فترة انخفاض الأسعار الحالية. ويؤكد بوخضور أن العرض والطلب سيصلان إلى حالة من التوازن مع مرور الوقت، لأن زيادة الإنتاج الإيراني سيحد من إنتاج الزيت الصخري المكلف في الولاياتالمتحدة وسيشهد الإنتاج الأمريكي انخفاضا أكبر وسيعود التوازن إلى السوق.