بوقت قياسي نجحت العديد من البرامج التي ظهرت على موقع اليوتيوب في التأثير على المجتمع مقارنة ببرامج التلفزيون التقليدية، بعد أن فضل الشباب التوجه لهذه المنصة الجديدة التي تتيح لهم مزيدا من الحرية إضافة لسرعة الانتشار، ليصنعوا بذلك ما اشبه بالثورة الشبابية على طرق الإعلام القديم، ما جعل كثيرين يتساءلون عن مستقبل البرامج التلفزيونية وهل ستصمد امام هذا المد التكنولوجي أم ستتراجع هذه الطفرة الالكترونية بشكل سريع كما ظهرت. تفعيل الرقابة بداية تقول الشاعرة هند المطيري إن برامج اليوتيوب نشطت بشكل كبير السنتين الأخيرتين بفضل الانفتاح الإعلامي الذي ساعد على انتشارها خصوصا بين بين فئات الشباب والمراهقين، إلا ان هذه البرامج، رغم جماهيريتها وجاذبيتها، لا تخضع للرقابة ما يجعلها تمثل خطرا كبيرا على ثقافة المجتمع وعلى قيمه وأخلاقياته؛ كون عدد ممن يقدمونها هم من المراهقين الذين يتصرفون بلا خبرة حياتية ووعي، يجعلهم يقعون احيانا في استخدام عبارات غير مقبولة في ثقافتنا المحلية، هذا فضلا عن ترويجهم لبعض الأفكار الخاطئة، هذا الخطر يجعل الجهات القائمة على التواصل والاتصال موضع مساءلة، كونها الحاضن لمثل تلك البرامج، هذا فضلا عن ضرورة تدخل المؤسسات الرقابية في الدولة في أنشطة تلك القنوات التي تحتاج إلى ضبط وتقنين. تثقيف النفس فيما قال مقدم برنامج "على الطاير" في موقع اليوتيوب الكاتب والممثل عمر حسين: "أكبر خطأ يتحمله أصحاب برامج اليوتيوب هو عدم تثقيف أنفسهم والمجتمع بتجنب تسميتها "برامج يوتيوب" حيث ان التعريف الاصح هو "المحتوى الالكتروني" الذي يشمل عدة منصات منها «اليوتيوب، كييك، انستاجرام، فاين، سناب شات، ومؤخراً فيسبوك فيديو»، ومن مزايا هذا "المحتوى" أنه دائما متجدد". وأضاف: "نعم هناك ثورة إبداعية تفجرت مع المنصة الاولى (اليوتيوب) وهي مستمرة بالتزايد في بقية المنصات التي احتضنت المواهب المنتشرة في العالم، ويشهد على نجاحهم كمية التفاعل وحجم الدخل على (المحتوى الالكتروني) والذي تشير احصائيات الولاياتالمتحدة بأن الإنفاق على (المحتوى الالكتروني) تجاوز الإنفاق على التلفزيون والراديو، وهذا ما سنجده هنا خلال عدة سنوات قادمة". مستقبل الإعلام أما المذيع السعودي احمد الحارثي فقد أكد على نجاح الإعلام الحديث وقدرته على سحب البساط من الإعلام الورقي والتلفزيوني التقليدي، بعد ان استطاع الشباب استغلال تعدد ادوات التواصل الحديثة إضافة لمساحة الحرية فيها ليبرزوا مواهبهم من خلالها وليطرحوا قضايهم ومشاكلهم. وأضاف: "من وجهة نظري فإن الإعلام الحديث أثر بشكل كبير على القنوات الإعلامية القديمة، والتي قد يسحب البساط من تحتها وتختفي مع مرور الوقت، حيث سيكون للشباب دور بارز في هذه النقلة". الخلفية العلمية وحول مصير تلك المواهب التي تشارك في البرامج اليوتيوبية ولم يتم استغلالها في الأعمال التلفزيونية بالشكل الصحيح قال مدرب مهارات التفكير والإبداع لدى الشباب الدكتور محمد باشا: "برز من البرامج اليوتيوبية عدد كبير من المواهب والطاقات الشبابية التي توقف بعضها عند نقطة معينة بسبب عدم وجود خلفية علمية لديهم، إضافة لعدم حرصهم على تطوير ذاتهم، كما لا ننسى ضعف الدعم والرعاية من ذوي الخبرة والمال في تبني مثل هذه المواهب الشابة تساهم بلا شك في فقدهم لمهارتهم بعد ان زرع في نفوسهم الاحباط". وأضاف: "أرى أنه لو قامت بعض القنوات بتبني برنامج يهتم بهذه القدارات الشابة وتطويرها على ايد خبيرة بهذا المجال وتسخير قدراتهم للابداع والتطوير فسوف تكون المحصلة النهائية قمة في الروعة والابداع». فيما قال أستاذ اللغة العربية في جامعة الامام محمد بن سعود الدكتور محمود بن إسماعيل: إن برامج اليوتيوب قلصت إقبال الشباب على كثير من وسائل التواصل الاجتماعي بل دلت بعض الدراسات أن بعض الفئات ربما يمضون (5-6) ساعات يومياً أمام مشاهد اليوتيوب لأنه يشبع حاجاتهم في المتعة والخيال والاستقلال الشخصي، ولكنها في الوقت نفسه حصرت التعامل الاجتماعي المباشر وحدَّت من أنشطتهم الثقافية والأسرية والمستوى الدراسي، وأدت إلى العزلة والانطواء وقلة الخبرة وخلخلت قيم الانتماء. وأضاف الدكتور إسماعيل: "لعل جاذبية هذه الوسيلة التي استقطبت أعداداً وفيرة من كل شرائح المجتمع، وفي مقدمتهم الشباب، ستظل جاذبة ومسيطرة في المشهد الإعلامي لتفتح عيونهم عما غاب عنهم، وتروي توقهم إلى المعرفة حتى تظهر وسائل إعلامية جديدة مما تقذف به التكنولوجيا كل يوم من وسائل أكثر إغراءً وأشد جاذبية".