مكّنت وسائل التقنية الحديثة أو ما يسمى بالإعلام الجديد الشباب في فترة وجيزة من الظفر بالنجومية، وأن يرموا ببعض المفاهيم العتيدة عرض الحائط، تلك التي كانت تحتكر الفن والإبداع في شتى صوره على شخوص معينة، ولم تكن الموهبة بحد ذاتها كافية لإبراز صاحبها، فمعظم الشباب الذين ظهروا عبر التقنية الحديثة خاضوا تجارب سابقة لمحاولة الظهور، إلا أنها باءت بالفشل، وعندما بزغت قنوات التواصل الجديدة تشبثوا بها وشيدوا بواسطتها مملكتهم الخاصة التي تحتضن إبداعاتهم بمختلف المجالات، بداية بمواقع التواصل الاجتماعية فيسبوك وتويتر وانتهاءً ب«يوتيوب» و«كييك»، ولجأ كل منهم إلى النافذة التي يعتقد أنها تخدم موهبته، ويستطيع أن يوصل صوته للجمهور من خلالها، وعلى رغم تشابه بعض قنوات التواصل الاجتماعية في المحتوى والمضمون، إلا أن لكل منها صنعة ونكهة مختلفة عن غيرها، وقد أبرزت كل قناة نجومها الخاصين الذين لا تتجاوز شعبيتهم حدودها، فنجوم يويتوب مغمورون في «كييك»، وكذلك نجوم ال«كييك» غير مؤثرين في «يويتوب»، بيد أن من بين مشاهير «كييك» أسماء ظهروا بعد نجوم يويتوب بكثير، إلا أنهم زاحموا أولئك على النجومية بفضل «كييك» الذي لاقى نجاحاً منقطع النظير في الفترة الأخيرة، فنجد بدر آل زيدان يتصدر قائمة السعوديين بأكثر من 18 مليون مشاهدة بينما يكتفي نجم «يوتيوب» عمر حسن بحصد 3 ملايين متابعة، ويكون بذلك أكثر نجوم «يوتيوب» متابعة في «كييك»، ما سر ذلك؟ هل المشاهد في «يوتيوب» مختلف عن متابع «كييك»؟ يرى مقدم برنامج «إيش اللي» في «يوتيوب» بدر صالح، أن الاختلاف بين «يوتيوب» و«كييك» كبير، فمن حيث المدة، الثاني لا يسمح بأكثر من 36 ثانية، بينما الأول يمكن أن يكون أطول، إضافة إلى عوامل المونتاج الأخرى التي لا يحتاجها «كييك»، مؤكداً أن حب الجمهور هو معيار النجاح في أي من هذه القنوات، إضافة إلى الحرص الكبير على الظهور في المكان المناسب وفي الوقت المناسب. عبدالعزيز العزام «نجم كييك» يعتقد أن نسبة المشاهدة التي حصل عليها في «كييك» التي تجاوزت ال10 ملايين في غضون شهر يصعب الحصول عليها في «يوتيوب»، إذ إن ال«كييك» يختلف عن «يوتيوب» من حيث سهولة رفع الملفات، والعفوية التامة، وهو الأمر الذي لا يجدي نفعاً في «يوتيوب»، ويؤكد العزام أن بساطة وعفوية «كييك» هي سر نجاحه، ويتحفظ على من يصف فيديوهات ال«كييك» بأنها غير مفيدة، مبيناً أنه لو كان كذلك لما حازت على كل هذه المتابعة، والمشاهد وحده من يستطيع تحديد المفيد من غيره. من جانبه، أكد أستاذ الإعلام في جامعة أم القرى الدكتور أسامة حريري في حديثه مع «الحياة»، أن أكثر ما يميز الإعلام الجديد عن غيره هو إمكان اجتماع النقائض إضافة إلى فرضه لعقلية التنوع ونبذه للاستنساخ، مبيناً أن الإنسان إذا قلت اختياريه، فبالتأكيد ستقل حريته، وهو الأمر الذي جعل وسائل التواصل الحديثة المفضلة لدى الكثيرين. واعتبر محدودية الجماهيرية في نافذة معينة ظاهر صحية، لأن الجمهور يتوق إلى ما هو جديد وإلى ما يشبع رغبته، عدا أن حجم النفس عند الجماهير بدأ يضيق، وأصبحت كمية الاستيعاب أقل، ولم يعد يطيق متابعة المقاطع المطولة.