جاءت توقعات وكالة الطاقة الدولية لأسواق الغاز الطبيعي للخمس السنوات القادمة في تقريرها الأخير مخيبة لآمال كبار منتجي الغاز، حيث انخفضت توقعات النمو إلى 2 في المائة في التقرير نصف السنوي للعام 2015 حول أسواق الغاز، مقارنة بتوقعات نمو بلغت 2.3 في المائة في تقرير العام الماضي، وتوقعت الوكالة أن تتأثر صناعة الغاز سلبا بسبب تراجع الاستثمارات في التنقيب عن الغاز واستخراجه وفي البنية التحتية، وأرجعت الوكالة هذا التباطؤ طويل الأمد إلى ضعف الطلب الآسيوي وتراجع أسعار النفط. وقال التقرير: إنه بالرغم من توقعات انتعاش الطلب العالمي على الغاز نتيجة انخفاض الأسعار خلال السنوات الخمس القادمة بعد التباطؤ الذي شهدته الأسواق في 2013 و2014، إلا أن النمو في الطلب يبقى أقل من التوقعات السابقة. وبدأت تأثيرات هذا التباطؤ بالظهور من خلال قيام عدد من الشركات باستقطاع جزء من استثماراتها في أنشطة التنقيب والاستخراج وإعادة توجيه استثماراتها إلى الأنشطة ذات العوائد السريعة، وقد نقلت رويترز أمس أن شركة قطر للبترول إحدى أكبر الشركات المصدرة للغاز في العالم أكملت عملية إعادة هيكلة شملت تسريح بعض الموظفين، كما نقل عن رئيسها التنفيذي سعد شريدة الكعبي أن الشركة قررت الخروج من كل الأنشطة غير الأساسية. وقدم التقرير السنوي لوكالة الطاقة الدولية تحليللات مفصلة لتوقعات الطلب على الغاز الطبيعي للخمس السنوات القادمة، كما قدم توقعات مفصلة لتطورات الإمدادات والأسواق، ويرى التقرير أن الطلب العالمي سيرتفع بنسبة تبلغ 2 في المائة سنويا، وهو أقل من توقعات التقرير السنوي السابق الذي توقع زيادة بنسبة 2.3 في المائة. وذكر أن السبب الرئيسي لهبوط التوقعات يعود إلى ضعف الطلب الآسيوي. حيث تسبب ارتفاع الأسعار في الفترات القريبة الماضية في تحول المستهلكين إلى خيارات أخرى. ونقل التقرير عن ماريا فان در هوفن المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، أن أحد الأسباب الرئيسية وغير المتوقعة لتواضع التوقعات المستقبلية كان ضعف الطلب الآسيوي في العام 2014، وأضافت: إن الاعتقاد بأن الأسواق الآسيوية قادرة على استيعاب أي كمية من الغاز بأي سعر قد انتهى، لافتة إلى أن التجربة في السنتين الماضيتين وضعت صناعة الغاز أمام حقيقة مرة في عالم يتوفر فيه الفحم الرخيص واستمرار انخفاض تكلفة الطاقة المتجددة، وهو ما يصعب على الغاز الاستمرار في المنافسة. وبمتابعة أسعار الغاز في الأسواق الآسيوية وارتباطها بأسعار النفط يتبين أن المستهلكين الآسيويين يدفعون ثمنا للغاز أكثر مما يدفعه غيرهم في مناطق مختلفة من العالم، إلا أن انخفاض أسعار النفط منذ منتصف 2014 ساهم في انخفاض أسعار الغاز، وهو ما يدعم الطلب على الغاز على المدى القصير ولكن على المدى الطويل أصبحت التوقعات أكثر غموضا، خصوصا في آسيا في ظل مضي عدد من الدول الآسيوية قدما نحو التوسع في استخدام الفحم الرخيص في توليد الطاقة بدلا من الغاز. وعلى مستوى العرض يقول التقرير: إن انخفاض الأسعار سيكون له تأثير كبير على استثمارات التنقيب عن الغاز والبنية التحتية وبالتالي سيتأثر العرض. وقد بدأت الشركات بخفض استثماراتها في أنشطة التنقيب والاستخراج وإعادة توجيه استثماراتها إلى الأنشطة ذات العوائد السريعة، وسيؤدي حتما إلى تباطؤ الإنتاج على المدى المتوسط. وستكون مشاريع تسييل الغاز الطبيعي من أكثر المشاريع تأثرا بخفض الإنفاق نظرا لضخامة الاستثمارات فيها، وستتعرض لخفض حجم الاستثمارات أو حتى إلغائها. ويذكر التقرير أن استمرار الأسعار في نفس المعدلات الحالية سيقلص من كميات الغاز المسال بشكل كبير بحلول 2020، إلا أن السنوات الثلاث القادمة ستشهد زيادة في العرض ناتجة عن استثمارات سابقة. وعلى المدى القصير فإن أسواق الغاز ستستقبل زيادة في إمدادات الغاز المسال الجديدة، ويتوقع التقرير أن القدرة التصديرية العالمية للغاز المسال على المدى القصير سترتفع بأكثر من 40 في المائة، يأتي 90 في المائة من هذه الزيادة من استراليا والولايات المتحدة، إلا أن انخفاض الأسعار سيحد من حجم الاستثمارات في استراليا والولايات المتحدة وستتراجع أحجام إمدادات الغاز المسال ابتداء من العام 2020. وينظر إلى أوروبا كسوق مهم قادر على استيعاب ارتفاع امدادات الغاز الطبيعي المسال في السنوات الخمس القادمة، حيث يتوقع التقرير أن واردات منطقة اليورو من الغاز المسال ستتضاعف في الفترة من 2014 إلى 2020. وعلى الرغم من الزيادة المتوقعة في واردات الغاز المسال إلا أن التقرير لا يتوقع انخفاضا كبيرا في واردات أوروبا من روسيا والتي ستبقى في نطاق 150 إلى 160 مليار متر مكعب في ظل استمرار انخفاض الإنتاج المحلي الأوروبي بنسبة 25 في المائة عن مستوياته في 2010، وهو ما يرفع معدلات الطلب الأوروبي على الغاز بمعدل الثلث سنويا في الفترة من 2014 إلى 2020.