رمضان فرصة نفسية وروحية لكسر البرمجة التقليدية التي تبرمجنا عليها في حياتنا، فنحن تحت قانون البرمجة نتحول لمسافرين يركبون قطاراً يستمر يومياً مع نفس الطريق، وكل يوم هو تكرار لليوم الذي قبله، وسكة القطار الصغيرة التي تسير فوقها عربات القطار تجعلنا نمارس نفس الأساليب والمشاعر تجاه ما حولنا، وبالتالي نكف عن الارتقاء والبحث عن نسخة أفضل من أرواحنا ومشاعرنا وطريقة تفكيرنا، ومالم نغادر هذا القطار ستكون حياتنا هي تكرار للرحلة الأولى. الله شرع لنا عبادات كثيرة ومتنوعة، والنوافل أبوابها كثيرة، وهنا فرص وخيارات متعددة لاكتشاف أرواحنا من جديد، فالإنسان قد تتجلى روحه وترتقي نشوة إيمانه في عبادة معينة، وهنا فرصة ذهبية لإعادة اكتشاف الذات، وتجدد ميلاد الروح، والدخول في عالم داخلي خاص يعيد التشكيل الحقيقي لنا، ويطلقنا للتعامل مع الحياة وأحداثها بروح جديدة ورؤية مختلفة ومشاعر إيجابية . هناك دائماً طريقة أفضل للتعامل مع أجسادنا، والحميات الصحية والتمارين الرياضية والإقلاع عن التدخين كلها أمثلة لتحسين الحياة بتحسين الجسد، والحياة لا تستحق أن نتلف أجسادنا من أجلها. هناك أيضاً طريقة أفضل للتعامل مع عقولنا، و"الإيجابية" كأسلوب عقلي سيغير كثيراً من طريقة تعاطي عقولنا مع الأحداث من حولنا، وسيخلق حياة أجمل وأسعد وأكثر إنتاجية. هناك أيضاً طريقة أفضل للتعامل مع مشاعرنا، ومتى ما تحكمنا فيها نحن كانت حياتنا أفضل، ولذلك كان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يقول للغضوب: لا تغضب، ومتى ما استطعنا الإمساك بمفاتيح مشاعرنا الداخلية تضاءلت حينها وطأة الأحداث المزعجة من حولنا. «رمضان الآن، وأنت الآن»، فانطلق في متعة رمضان وجماله، وانطلق لتجديد روحك، فالتوقيت فرصة وأنت فرصة، وسيقبل عليك العيد بلذة وجمال لا تتخيلهما.