لا أعرف لماذا يتوهم البعض أن خيوط اللعبة من الممكن أن تكون بيديه، وهو غارق في محطة الوهم، وربما يكون في أحيان كثيرة صفرا على الشمال بدون قيمة ورقية ولا فعلية. والأدهى أن بعض البشر يعيش أحلام اليقظة لدرجة أنه لا يعي بما يدور حوله، فيهرب للأمام متكئا على أوهام تجعله يسبح في عملية (انفصام شخصية) ليس لها أول ولا آخر. كثير ممن يخسرون المعارك توهموا بالانتصار المبكر، وانخدعوا بتفوق جولات (هشك بشك) ونسوا أن الشاطر من يضحك أخيرا وليس أولا. وهناك من يؤمن بأن خسارة جولة لا تعني خسارة المعركة، وهذا التفكير هو الطريق الوحيد للارتواء من حوض الانتصارات المستقبلية. أما أولئك الحالمون على رصيف (الكآبة) حتما يتآكلون (حبة حبة)؛ لأنهم فقدوا البوصلة التي تنير دروبهم في زحمة الحياة. من يمشي على عكاز وهو متأمل في وعورة الطريق حتما سيصل، ومن يركض ركض (الوحوش) دون أن يلتفت للأشواك التي تعترضه حتما سيسقط ولو كان سريعا. في الحياة وصخبها نخدع كثيرا بأننا وصلنا إلى ما نصبو إليه، وننام على وسادة هذا النجاح الناقص، وسرعان ما نكتشف أن القطار فاتنا، وأن الآخرين سبقونا بمسافات طويلة، والسبب أننا توهمنا تحقيق أهدافنا ونحن في بداية المشوار. كثير منا يعتقد في لحظة غرور أنه (عنترة بن شداد) والحقيقة أنه (شيبوب) لا يمتلك غير الصراخ النابع من الألم الذي زرعه لنفسه أولا، وزرعه الآخرون له ثانيا، كردة فعل لا أكثر ولا أقل. وما بين عنترة وشيبوب تبنى حكايات وقصص، قد يتقدم المؤخر، ويتأخر المقدم، في دراما قائمة على التدليس والفهلوة ولكن ذلك يعد انتصارا مؤقتا سرعان ما يذهب (الزبد). وقصة عنترة وشيبوب ليست خاصة فقط بالشجاعة والاقدام والاحجام، فهي أيضا تحمل حكاية الفعل من جهة، والثرثرة من جهة أخرى، وما بين الفعل والكلام مسافة عمل رزين، ولسان رخيص. نعم.. كم من الأندية أعلنت الأفراح وليالي الملاح قبل أن تصل لخط النهاية، وفجأة وجدت نفسها خارج دائرة الألقاب. نعم.. كم من لجان اتحاد الكرة بها كلام دون عمل. نعم.. كم من الاتحادات التي نامت على وسادة الماضي، وكسبت جولات وخسرت المعركة!