تواصلت رحلاتي إلى مدينة الفنون والثقافة (أصيلة) كما تتواصل إلى مدن وبقاع أخرى تحتفي بالفن والثقافة، في التسعينيات كانت مشاركاتي في مشاغل الحفر التي أسسها ويشرف عليها الفنان السوداني محمد عمر خليل، كان المشغل مستقطبا لعدد من الفنانين المختصين في الحفر أو الذين يهمهم الاستزادة في معارفه وتقنياته، كان ابناء اصيلة او طلبة من مدرسة الفنون الجميلة بتطوان وغيرهم ضمن المشاركين في قسم آخر من المشغل يشرف على عملهم أحد المختصين الأجانب او المغاربة، التقيت وعملت في نفس المحترف مع اسماء معروفة على المستوى العربي مثل ضياء العزاوي ورافع الناصري وعلي طالب واسعد عرابي وراشد دياب وعبدالكريم العريض وآخرين، كان الملتقى حميميا وجادا، للبحرين حضور مبكر في بعض دورات موسم اصيلة والى العام2014 الذي كانت فيه ضيف شرف. كنت استأجر بيتا صغيرا طيلة فترة الموسم في المدينة القديمة وكان يرتاد منزلي الصغير العديد من الأدباء والفنانين والإعلاميين الذين تعرفت عليهم هناك، أو الذين اعرفهم مسبقا، من بينهم الروائي السوداني الراحل الطيب صالح الذي ربطتني به صداقة حميمة، وفي إحدى الدورات التسعينية تم تكريمه فقدمت له أحد أعمالي الطباعية هدية بالمناسبة، هناك ايضا الدكتور ابراهيم الشوش الذي يستضيفه الموسم في ندواته الثقافية، تعرفت على الناقد العراقي بلند الحيدري الذي كتب عن اعمالي فيما بعد، تعرفت على الدكتور منصور الحازمي الذي أعلن السيد محمد بن عيسى قبل بدء إحدى مشاركاته عن اختياره عضوا في مجلس الشورى السعودي ذلك اليوم، كان ومجموعة من المثقفين في منزلي قبل بدء الندوة، تعرفت هناك على الإعلامي عبدالوهاب والي وكان حينها مشرفا على الصفحات الثقافية في صحيفة الشرق الأوسط، ود. محيي الدين اللاذقاني والكاتب عبدالرحمن الراشد رئيس تحرير الشرق الأوسط وفضائية العربية سابقا، ومحمد رضا نصر الله ومن الفنانين عبدالكريم العريض ومحمد القاسمي وشربل داغر وسمير غريب وهيلين الخال وكثيرون من العرب والاجانب، كانت اكثر الفترات لقاءً هي الظهيرة وقبل البدء في الجلسات المسائية وكانت الفنانة وفاء الهضيبي تمثل حضورا بهيا مع الزملاء. كان الصديق الفنان عبدالله حماس في إحدى الدورات التسعينية رسم جدارية في مشغل الحفر، اتبعها بثانية أهداهما الى ادارة المهرجان، وكان الفنان محمد المليحي هو ومحمد بن عيسى من أسس للمهرجان وكان نائبا له، أمر بتثبيت احد العملين في قاعة المحاضرات بمركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية، لا يمكن تعداد من تعرفت عليهم او نشأت بيني وبينهم صداقة وتواصل، اشير الى محمد اليحيائي الاعلامي في فضائية الحرة، وكان مشرفا على الملحق الثقافي في صحيفة عُمان، وصديقه بدر النعماني والخزاف البحريني محسن التيتون والفنان المغربي عبدالله الديباجي، ومليكة اكزناي، التي تشرف حاليا على مشغل الحفر، والمهندس صالح الهذلول والتقيت بالدكتور معجب الزهراني، ود. سعيد السريحي الذي ألقى ذات مساء احدى قصائده الرائعة. هذا خلاف شباب اصيلة من الفنانين، كحكيم غيلان، الذي أنشأ قاعة صغيرة للعروض في المدينة القديمة، لم تزل تستضيف المعارض خاصة فترة الموسم الثقافي. مرتادو أصيلة كثر، ففي موسمها تغص بالمثقفين والاعلاميين والفنانين والمهتمين به، تنفتح المدينة على كل الثقافات وكل الوجوه وتفتح ذراعيها مرحبة، بأهل الثقافة والفن وكان ابناؤها ومنذ دورات الموسم الاولى يشاركون في رسم الجداريات، بل وربى فيهم الموسم حب الفن والجمال فأصبح الأهالي بأنفسهم يطلون واجهات منازلهم بالأبيض والأزرق؛ استعدادا لاستقبال ضيوف الموسم، الطرقات نظيفة جدا، والباعة منتظمون في الحفاظ على مظهر اجمل للمدينة العتيقة على الخصوص، والقادمون في متعة حقيقية، وكأنهم في مدينة تعود بك إلى التاريخ، وأنت تتأمل مبانيها وجمالها محفوفة بالبحر واناسها في كرمهم وطيبهم.