تكتسب صحافتنا المحلية ذاك الزخم الإعلاني عند الحملات الانتخابية وتقام المخيمات التي تفترش فراغات مدننا وهذا ينم عن أحداث قادمة لعطاءات جديدة استبشر بها القائمون على هذا الزخم من الاستعداد الذي بذلوا وسخروا له من إمكانياتهم ما يتوقعون منه النجاح لنيل شرف العضوية في المجلس البلدي أو العضوية في الغرفة التجارية، وفي خضم هذه المهرجانات الانتخابية وتحت ضغط الممارسة للتجربة غاب عن أغلبية السادة المرشحين -إذا لم أقل معظمهم- التخطيط السليم لبرامجهم الانتخابية في ظل حماسهم الغامر لهذه التجربة التي أنستهم أهداف الحملة الانتخابية، فصمموا حملاتهم على الاغراق في الهبات والعطايا والوعود وكأنها لشراء الذمم والجانب الآخر للتوعية والتثقيف التربوي والترفيه البرئ والارشاد الديني دون التعريف بالمرشح والانتخابات، حيث إن بعضهم لجأ الى الشعراء ورجال الإعلام والرياضيين ورواة الحكاية ومفسري الأحلام والوعاظ لاحياء أمسياتهم التعريفية في مخيماتهم، ولا أعرف ما هو الرابط بين فرسان هذه الأمسيات والحملات الانتخابية، وإن كان الهدف هو تجميع الناس فيفترض أنه لتعريفهم بالانتخابات ما لها وما عليها والتعريف بالمرشح وإمكانياته وقدراته وبرامجه لتحقيق تطلعات الجمهور المتوخاة، والفوائد المرجوة من هذه الانتخابات عبر مطويات تشرح خطوات وطريقة الاقتراع ونشرات توضح نشاطات المرشح وأعماله ذات الصلة، وأخرى تحمل معلومات عن منهجه وأسلوبه في الأداء المنتظر منه بعد الترشيح وما إلى ذلك مما يبرهن على جديته واخلاصه وتأهيله للعمل كعضو مجلس بلدي مما يحفز الحاضرين لهذه الأمسيات على تزكيته في الاختيار يوم الترشيح بعد معرفة أعماله وقدراته وإمكانياته وأسلوبه في الأداء. وقد لا ألومهم على أمنياتهم في تدبيج إعلاناتهم بوعود يأملون تحقيقها بواعز من حبهم لوطنهم أولاً وحواضرهم ثانياً ومدنهم ثالثاً، ولكن الواقعية في المطلب جزء من التأهيل ومن الأولويات معرفته لأبجديات الترشيح التي تبدأ بمعرفة المهام المناطة بالمجلس وسلطاته في هذه المهام، وقدراته العلمية والعملية على تنفيذ ما أوكل إليه بأمانة وإخلاص وتفانٍ، مبتعداً عن الذاتية والاستبداد الاستغلالي ومتنحياً عن القبلية والطائفية والمناطقية، مسترشداً بالإمكانيات المتاحة وإتباع الأولويات في التنفيذ من الأهم إلى المهم لأن الانجاز لا يأتي بالأماني ولكن الاعجاز في تنفيذ المجاز بشكله الفاعل والصحيح. ولا أعتقد أن الضيوف المستقطبين لهذه الحملات أدوا دورهم لتحقيق الأهداف المنشودة التي يأمل المرشحون في تحقيقها، حيث إن الحديث عن الجن والتلبس ليس هذا مقامه أو سرد حكايات من الراوي ينتظر منها نتيجة في الانتخابات أو قرض أبيات من الشعر الشعبي تعطي الانطباع عن كنه المرشح أو حديث رياضي يلبي حاجته للترشيح، كل هذه الهنات تسابق عليها المرشحون دون إضافة تؤكد ثوابت الترشيح وقواعد الاستعداد للانتخابات، من هنا يتضح أن الصرف الذي تم على تلك الفعاليات ضرب من التبذير غير المبرر إذا استثنينا ولائم العشاء التي تنم عن كرم حاتمي يحسب لصاحبه أنه يملك القدرة المالية وهذا أحسن الصور التي تجلت في هذه المحافل وأبرزت لنا كرم الضيافة في شعب الجزيرة الذي حتمته تلك الحشود التي توافدت عليهم.