دعا ممثلون عن بلديات ليبية إلى الإسراع في تشكيل حكومة وحدة وطنية في ليبيا التي تشهد نزاعا عسكريا بين سلطتين وتصاعدا لنفوذ جماعات متطرفة. في وقت أطلقت قوات "فجر ليبيا" سراح 70 معتقلا في إطار مصالحة بين منطقتين قرب طرابلس. وحث المجتمعون في بيان وزعته بعثة الأممالمتحدة في ليبيا في ختام اجتماعات في تونس استمرت ليومين برعاية الأممالمتحدة: "كافة الأطراف المعنية السياسية والعسكرية الليبية على إعلاء مصلحة ليبيا الوطنية فوق كافة المصالح الأخرى، وإبداء روح التوافق الضرورية من أجل الوصول إلى اتفاق سياسي شامل". وطالب المجتمعون بأن يسمح هذا الاتفاق "بالتشكيل العاجل لحكومة وفاق وطني لتتولى مسؤولياتها"، معتبرين أنه "ينبغي على الحكومة أن تضع في الحسبان البعد الجغرافي والمكونات الثقافية والتمثيل العادل للنساء والشباب عند اختيار أعضائها". وجاءت اجتماعات عمداء وممثلي البلديات الليبية التي انعقدت في تونس، يومي الجمعة والسبت، في إطار الحوار الذي ترعاه بعثة الأممالمتحدة بين أطراف النزاع ويهدف إلى إدخال البلاد في مرحلة انتقالية تبدأ بتشكيل حكومة وحدة وطنية. وتشهد ليبيا صراعا على السلطة منذ إسقاط نظام العقيد معمر القذافي عام 2011 تسبب بنزاع مسلح في الصيف الماضي، وبانقسام البلاد بين سلطتين، حكومة يعترف بها المجتمع الدولي في الشرق، وحكومة مناوئة لها تدير العاصمة منذ أغسطس، بمساندة تحالف جماعات مسلحة تحت مسمى "فجر ليبيا". وكانت آخر جلسات الحوار بين الممثلين عن أطراف النزاع عقدت في أبريل الماضي في المغرب، علما أن الجزائر تستضيف أيضا جلسات حوار برعاية الأممالمتحدة بين ممثلين عن أحزاب سياسية ليبية. ومن المفترض أن تقدم بعثة الأممالمتحدة مسودة اتفاق جديدة إلى طرفي النزاع خلال الأسبوع الأول من شهر يونيو، بعدما ووجهت المسودة السابقة بالرفض من قبل الجانبين. والسبت، أطلقت قوات "فجر ليبيا" سراح 70 شخصا من أهالي منطقة ورشفانة الواقعة جنوب العاصمة، وذلك في إطار مصالحة بين سكان هذه المنطقة وأهالي منطقة جنزور غرب طرابلس. واعتقل هؤلاء الأشخاص على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، في ورشفانة التي شهدت معارك ضارية بين قوات "فجر ليبيا" وقوات الحكومة المعترف بها دوليا، بعد الاشتباه بمساندتهم قوات هذه الحكومة ضد تحالف "فجر ليبيا". وأطلق سراحهم، السبت، في جنزور بحضور أهاليهم، في خطوة تأتي في إطار مصالحة بين سكان منطقتي جنزور ووروشفانة، تقضي بتبادل المعتقلين، بحسب ما أفاد مسؤول عن عملية التبادل في قوات "فجر ليبيا". وطغت على القاعة التي احتشد فيها الموقوفون المفرج عنهم وأهاليهم أجواء البكاء والفرح، فيما تعالت صيحات "الله أكبر" و"الحمد لله"، بحسب ما أفاد مصور وكالة فرانس برس. وقال عاشور التليسي "اعتقلت يوم 21 مارس في مزرعتي"، مضيفا: "لم أعرف لماذا اعتقلت، ولم يوجه لي أي سؤال؟. الحالة هذه صورة مصغرة عن الفوضى الأمنية التي تعيشها ليبيا". وتابع: "ليس هناك من حل إلا بالتسامح. ليبيا على وشك التدمير". هجوم انتحاري وعلى الأرض، قتل خمسة من عناصر قوات تحالف "فجر ليبيا" الذي يسيطر على طرابلس، وأصيب سبعة آخرون بجروح، في هجوم انتحاري بسيارة مفخخة، أمس، استهدف حاجز تفتيش غرب ليبيا وتبناه الفرع الليبي لتنظيم داعش. وقال متحدث باسم قوات "فجر ليبيا" في منطقة الدافنية الواقعة بين مصراتة وزليتن: إن "انتحاريا يقود سيارة مفخخة فجر نفسه، الأحد، قرب حاجز عند أحد مداخل بلدة الدافنية". وأضاف: "هناك خمسة شهداء من القوة المتواجدة عند الحاجز، فيما أصيب سبعة آخرون بجروح، وقد جرى نقلهم إلى المستشفيات في ثلاث سيارات إسعاف"، مشيرا إلى أن الهجوم وقع عند حوالى الساعة الخامسة فجراً. بدورها، ذكرت وكالة الأنباء الليبية القريبة من السلطات في طرابلس، أن "تفجيرا انتحاريا استهدف، فجر الأحد، بوابة الدافنية بمصراتة، ما أسفر عن سقوط خمسة شهداء من القوة الموجودة بالبوابة". وتبنى تنظيم داعش على موقع تويتر هذا الهجوم، معلنا أن منفذ العملية الانتحارية تونسي الجنسية يدعى "أبو وهيب التونسي". وحذر التنظيم الذي سبق أن تبنى هجمات مشابهة على حواجز تفتيش قرب مصراتة، قوات تحالف "فجر ليبيا" من أنه بدا يشن حربا على هذه القوات هدفها أن "تطهر الأرض من رجسهم"، داعيا عناصرها إلى أن "يتوبوا من كفرهم ويعودوا لدينهم". وتخوض القوات الموالية لطرفي السلطة في ليبيا معارك يومية في عدة مناطق من ليبيا قتل فيها المئات منذ يوليو 2014. وسمحت الفوضى الأمنية الناتجة من هذا النزاع باتساع نفوذ جماعات متشددة في ليبيا بينها تنظيم داعش الذي سيطر قبل ثلاثة أيام على مطار مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس) الخاضعة لسيطرته منذ فبراير الماضي. وخاضت قوات "فجر ليبيا" التي تضم إسلاميين في صفوفها، اشتباكات عند مداخل مدينة سرت وفي مناطق أخرى قريبة منها، مع عناصر التنظيم على مدى الأشهر الماضية. ويقول مسؤولون في طرابلس، إن تنظيم داعش تحالف مع مؤيدين للنظام السابق في هذه المنطقة التي تضم حقولا نفطية. وإلى جانب سرت والمناطق المحيطة بها، يتواجد تنظيم داعش كذلك في مدينة درنة الواقعة على بعد حوالى 1300 كلم شرق طرابلس والخاضعة لسيطرة مجموعات إسلامية مسلحة متشددة. كما يؤكد مسؤولون في طرابلس، أن لتنظيم داعش خلايا نائمة في العاصمة، حيث أعلنت هذه المجموعة المتطرفة مسؤوليتها عن تفجيرات وقعت في المدينة خلال الأشهر الماضية.