لم يكن ما حققه أبطال لعبة الأثقال في نادي الترجي قبل عدة أيام غريباً، عندما توجوا ببطولة آسيا والعرب للكبار والشباب، وعادوا من العاصمة الأدردنية عمان، وهم موشحون بأربع كؤوس و 94 ميدالية بمختلف الألوان والأوزان وزفتهم الجماهير لمقر النادي المستأجر. لعبة الأثقال في نادي الترجي ليست وليدة اليوم، فهي وُلدت من رحم المعاناة في محافظة القطيف، وبمجهودات فردية إلى أن أصبحت هذه اللعبة هي أحد أبرز من استقطبت الألقاب والميداليات للوطن بشكل عام وللترجي بشكل خاص. تاريخ عريق العام 1403ه، أي قبل 33 عاماً، كانت البداية وبذرة رياضة رفع الأثقال، بالتحديد في نادي الترجي، مع المؤسس عبدالعزيز بن إبراهيم مال الله، إذ لم تعرف أندية المنطقة برفعة (الخطف) إلا من خلاله، أما رفعة (النطر) فقد وصلت للمنطقة عن طريق بعض المؤسسين للعبة من أمثال جاسم القفشات وكاظم البحراني وحسين سليس وغالب الفلفل، الذين قاموا بعمل كبير بزيارة الأندية وحارات المدن لجلب اللاعبين، وتعريف أصول الرياضة لأبناء البلد. هم يقولون: (المؤسسون) إن تلك الايام كانت بمثابة قصة عشق، بذلوا خلالها كل ما يستطيعون، ويقولون: لقد أعطينا هذه الرياضة كل الوقت حتى وصلنا إلى الاولمبياد ووصلنا إلى العالمية، واحتكرنا العربية والخليجية، ناهيك عن البطولات الداخلية التي أصبحت موالا يُعاد لنا في كل موسم. وأوسمة كثيرة وميداليات متنوعة، وتحطيم للأرقام وأصبحوا ينافسون أنفسهم. الترجي يملك العديد من الأرقام القياسية على مستوى العرب والخليج والأرقام الداخلية حتى أصبحت رياضة الأثقال مقترنة بنادي الترجي. واليوم هو يثبتون ويؤكدون بالانجاز الآسيوي والعربي غير المسبوق لأي ناد سعودي. بداية مغمورة لم يكن الترجي هو أول ناد في المنطقة الشرقية يزاول تلك اللعبة، فقد سبقه جاره نادي الهدى، لكن بداية الترجي كانت في عام 1412ه، عندما تسلم دفة الفريق الرباع كاظم البحراني وعمره 22 سنة!! ولم يكن عمره عائقا، بل كان دفعة معنوية له و لزملائه، إذ حقق الترجي أولى بطولاته في عام 1413ه، بعد أن تُوج بذهب بطولة الناشئين، ولم يلبث البحراني طويلاً إذ جال بين دول العالم المتقدمة في اللعبة، واكتسب المزيد من الخبرات ليعود ويثمر نتاج عمله عن سيطرة الترجي على جميع بطولات المملكة لكل الفئات في عام 1415ه، وكانت هذه بداية دخول لاعبي الترجي ضمن المنتخبات الوطنية بجميع فئاتها. صناعة المجد رغم كل مقومات النجاح التي لم تكن متوفرة لدى الترجي، إلا أن أبطاله صنعوا لأنفسهم المجد وفرشوا الطريق نحو الذهب، فالأبطال في الترجي بالوراثة، فلا يمر موسم إلا وهناك إنجاز أو رقم جيد، وعلى مستوى جميع الفئات يُسجل باسم الوطن والترجي. أول هؤلاء الابطال: هو البطل نجم الرضوان صاحب أول ميدالية ذهبية للمنتخب السعودي والترجي في البطولات العربية في عام 97م، وهي بمثابة انطلاق الأبطال لتحقيق المزيد، وربما يكون البطل عبدالمحسن الباقر هو صاحب الإنجازات الأكثر على المستويين الوطني والمحلي، إذ يُعتبر الباقر صاحب المركز الحادي عشر في الأولمبياد كأفضل مركز حتى الآن على المستوى العربي، بجانب حصوله على أفضل لاعب عربي لخمس سنوات متتالية، وبطل الخليج لخمس مواسم متتالية. وربما يكون الرقم الاصعب هو حصوله على بطل المملكة للشباب والكبار منذ عام 1414ه وحتى 1427ه. وعند ذكر الذهب، لابد من عدم نسيان الرباعين رمزي المحروس وجعفر الصادق صاحبي المركز الثالث في بطولة العالم 2001م، بجانب حصول الرباع العالمي حسن السادة على المركز الثاني في بطولة العالم بالصين 2005م، بجانب اللاعب منصور آل سليم صاحب المركز التاسع على مستوى العالم 2014م. رباعي الترجي مع الأخضر في العام 99م، شارك المنتخب السعودي في دورة الحسين بالأردن، وكان جميع لاعبي المنتخب من نادي الترجي وهم: صادق ومحسن الباقر وعمران سليس ورمزي المحروس ونجم رضوان وحسين المدن. وفي كندا حصل المنتخب السعودي على المركز الحادي عشر وتأهل 4 ربعاين كانوا جميعهم من نادي الترجي، وهم (جعفر ومحسن الباقر ورمزي المحروس ونجم رضوان). ومع سيطرة الترجي على البطولات سيطر المنتخب على كل بطولات الخليج بجميع فئاتها، وكان الترجي عنصرا أساسيا في تمويل المنتخبات الوطنية. توارث أجيال لعبة رفع الاثقال مثلها مثل أي رياضة، وكما هو الحال في بعض الألعاب، إذ ينتج كل بيت أكثر من لاعب، لكن في الترجي، الموضوع مختلف، فالأبطال يتوارثون اللعبة بجانب الإنجازات، فلنا في عائلة الباقر التي ضمت الأبطال عبدالمحسن وجعفر وصادق، وكذلك عائلة السادة التي ضمت 5 أبطال (حسن، عدنان، قاسم، علي، أحمد)، وأخيراً أبناء آل سليم سراج ومنصور، إذ أرجع المتابعون أن وجود أبطال من عائلة واحدة في الترجي، يأتي بالتشجيع من قبل الأكبر فالأضغر أولاً، وثانياً وجود موهبة وقدرة ومواصفات وراثية تتناسب مع هذه الرياضة. عودة التاريخ ظروف غامضة أبعدت أبناء الترجي عن الابتعاد عن المشاركات الخارجية، واقتصرت المشاركات على المسابقات المحلية بجانب مشاركة الأبطال مع النتتخبات الوطنية. فأول إنجاز حققه الترجي على مستوى المشاركات الدولية كان في عام 2005م في بطولة الأندية العربية في سوريا. وفي عام 2010م حصل على بطل آسيا في بطولة الأندية الآسيوية بالأردن. واليوم من نفس المكان (الأردن)، حقق الترجي 4 بطولات دفعة واحدة، بطولة العرب للكبار والشباب والبطولة الآسيوية للكبار والصغار. وعاد للوطن مرفوع الرأس، بعد أن رفع راية التوحيد مهدياً للمملكة العربية السعودية إنجازاً نادراً، وهو أن يحصل الفريق على 4 بطولات خارجية دفعة واحدة. الأبطال (دون صالة) الإصرار وحب الانتصار، دفعا الأبطال للتواجد في البطولة، وتحقيق الطموحات رغم ما يعانون من قصور إعلامي تجاه اللعبة، بجانب عدم توفر المكان المناسب للتمارين، وتنقلوا كثيراً بين المدارس وصالات التدريب الخاصة، فهم مازالوا يناشدون رجال الأعمال بناء صالة متكاملة، يستطيعون من خلالها أن يتواجدوا في المسابقات العالمية وتحقيق حلم الرياضيين السعوديين بتحقيق ميدالية أولمبية. رباعي الترجي يستحقون المزيد وربما عدم تسليط الضوء على هذه اللعبة، جعل منهم يتدربون تحت غرفة ضيقة لا تكفي الحاجة. مستقبل واعد مستقبل اللعبة في نادي الترجي بخير، بعد فتح مدرسة لرفع الاثقال، وهي أول مدرسة بالمملكة تضم أكبر عدد من الابناء من أعمار 8-13، والقسم الثاني من أعمار 14-17. وربما ستنتج هذة المدرسة خلال 5 سنوات رباعين أقوياء للمنتخب الوطني، لينافس الدول المتقدمة في اللعبة، ومنها تحقيق ميداليات عالمية، وربما الأمل مازال موجودا حالياً في تحقيق ميدالية عالمية بوجود الرباع منصور آل سليم الحاصل على المركز التاسع في بطولة العالم بكازاخستان، وهو أفضل لاعب بالمملكة حالياً، واتحاد رفع الاثقال والمتابعون يتأملون خيراً في آل سليم لتحقيق أفضل النتائج في بطولة العالم القادمة. أرقام جديدة لم يكتف أبطال الترجي في بطولة العرب وآسيا بتحقيق الكؤوس الأربعة أو الميداليات التي بلغ عددها 94 ميدالية، بل إن الرباع حسين الماجد تمكّن من تحطيم الرقم المسجل باسم زميله علي الخزعل في بطولة الممكلة للناشئين بالرقم 146 كيلوغراما، وحقق الماجد رقماً جديداً للملكة العربية السعودية، وعلى المستوى العربي والآسيوي وغرب آسيا بتسجيل 147 كيلوغراما. كما تمكّن الرباع منصور آل سليم من تحطيم الرقم العربي السابق المسجل باسم العراقي محمد عبدالمنعم وسجل رقماً ب 145 كيلوغراما. دعم لا محدود يحظى أبطال لعبة رفع الأثقال بنادي الترجي بدعم كبير من قبل رئيس النادي الحالي إحسان الجشي، إذ وافق على توسيع الصالة الخاصة باللعبة في المبنى الجديد التي سوف تُفتتح عما قريب، إلا أن القريبين من اللعبة يؤكدون أن الترجي بحاجة لصالة خاصة، إذا ما أراد المحافظة على الأبطال وتفريخ العديد من النجوم.