قبل عقدين من الزمن قامت القوات البحرية الملكية السعودية بعملية تطوير لقدرات طياري أسطولها الجوي وزيادة جرعات التدريب على طائراتها المتعددة الأغراض والمهام. وقد قامت القوات البحرية بتدريب طياريها على أنظمة مختلفة وباساليب تكتيك حربي في أكثر من دولة. وقد كان أكثر المتدربين من ضباط الطيران قد أتموا تدريبهم في قاعدة بنسكولا البحرية وقاعدة وايتنغ بولاية فلوريدا وغيرها. وتلك القاعدة تعتبر الأفضل على مستوى العالم والأكثر تخريجا لضباط الطيران للقوات البحرية وبعض من طياري المقاعد الخلفية من موجهي الأسلحة للقوات الجوية لكثير من الجنسيات. ومع الوقت اكتسب الطيار البحري السعودي سمعة كبيرة حيال مهارتهم على الطيران وأثبت الكثير منهم كفاءتهم لتعلم جميع التكتيكات الحربية. وأصبحت مهارتهم علامة فارقة في تلك القواعد. بل إن أحد طياري قواتنا البحرية أصبح ترتيبه الأول في تلك الفترة واعتبر من أفضل الطيارين الذين مروا على هذه القواعد ليحصل هذا الضابط (خ. الشراري) على المركز الأول في كل التخصصات رغم وجود منافسين من أمريكا وألمانيا وايطاليا وغيرها من دول حلف الناتو. ولكن طموح منسوبي القوات البحرية كان أكبر. وعندها قام قائد جناح الطيران في ذلك الوقت وقائد القوات البحرية حاليا الفريق البحري الركن عبدالله السلطان بتقديم مقترح لقائد القوات البحرية آنذاك الفريق البحري الركن سمو الأمير فهد بن عبدالله آل سعود حول إمكانية عمل نقلة نوعية وعملية تسريع في رفع كفاءة الطيار البحري السعودي من خلال مشاركته في برنامج مدربي الطيران في الولاياتالمتحدةالأمريكية والذي يعتبر الأصعب في العالم. وبالفعل تم تقديم المقترح للقوات البحرية الأمريكية التي وافقت على الفور عطفا على ما رأته من كفاءة ومهارة الطيار السعودي مع العلم أن دولتين اخريين تقدمتا بنفس الطلب في نفس الفترة ولكن الطيار السعودي هو من فاز بالترشيح. وبالفعل تم ترشيح اللواء الطيار صالح القرني والعميد الطيار سعيد أبو عالي (نقباء في ذلك الوقت) للعمل كمدربين أساسيين في قاعدة (وايتنج) بولاية فلوريدا ليصبحا وخلال فترة وجيزة من أفضل مدربي الطيران في القاعدة التي كانوا في يوم من الأيام متدربين فيها. وبعد مدة قصيرة أصبحا الأكثر في عدد ساعات الطيران والأكثر في جدول الرحلات بسبب حسن تعاملهما مع طلبة الطيران وقدرتهما على إيصال المعلومة ليكونا الأكثر طلبا من جميع المتدربين خلال فترة عملهما. وهذا عكس سمعة طيبة للوطن الغالي. وعلى هذا الأساس استمر هذا البرنامج لسنوات طويلة تم من خلاله ترشيح ضباط آخرين ليكونوا مدربي طيران في أكبر قاعدة بحرية في العالم لتدريب الطيران البحري. ومن خلال هذا البرنامج الذي تبناه منذ سنين كما ذكرت سابقا قائد القوات البحرية الحالي استطاع الكثير من طياري القوات البحرية إثبات مهارتهم وجاهزيتهم للدفاع عن تراب ومقدرات هذا الوطن. فمنذ ذلك الوقت والقوات البحرية مستمرة في التوسع في برامج تطوير قدرتها في مجال الطيران البحري والذي يعتبر سلاحا مكملا لقدرات سفن القوات البحرية. وفي الوقت الحالي هناك جهود مستمرة في التوسع في مجال التدريب وتنويع آليات الطيران البحري، سواء أكان ذلك من خلال زيادة عدد الطائرات أو رفع كفاءة الطيارين. كاتب ومحلل سياسي