عرفت الاحساء منذ قديم الزمان بمحافظتها على العادات والتقاليد التي لا تزال حاضرة وعرفت واحة النخيل بأصالة حرفها اليدوية المختلفة الامر الذي جعلها من اوائل المهتمين بالتراث الشامخ على مر السنين ، ولعل الحرف اليدوية والتي منها حرفة ( الخوصيات ) اليدوية هي واحدة من الحرف التي كانت ولا تزال موجودة بدليل ان سيدات الاحساء فرضن انفسهن في صناعة الخوصيات نظرا لان الواحة غنية بالنخيل والمزارع ما يعني توفّر المادة الخام لهذه الصناعة والمتمثلة في "الخوص " ونظرًا لأهمية هذه الحرفة الأصيلة وارتباطها الوثيق بالنخلة التي تجد اهتمام كبير من اهل الاحساء فقد خصصت معظم مهرجانات الاحساء جناح خاص يحتضن صناعة الخوص ومنتجاته وإبراز ما يتم صنعه . و تظل صناعة (الخوصيات) عنصراً هاما له قيمته في رسم أبعاد الحياة في الماضي، وتتجلى صوره في مشاهد وملامح تعكس الهوية المحلية للموروث الشعبي الاصيل الذي عرف عن اهل الاحساء خاصة وعشقه اهل الحليج بشكل عام مما جعلهم يشتاقون للاحساء وتراثها . صناعة النخيل وما بين اختلاف الاسم اوضحت فهيمه الموسى والتي تبلغ من العمر47عاما بأنها تقوم بصناعة الخوص وان هذه الحرفة تسمى بالسعيفات عند اهل الاحساء ويمكن تسميتها باسم "صناعة النخيل" لارتباطها بالنخلة وقديما تسمى صناعة الخوص باسم حرفة "الخواصة " مؤكدة ان صناعة الخوصيات في الاحساء من الصناعات الواسعة و الاكثر انتشار حتى الوقت الحاضر وخصوصا في القرى والبلدات, مشيره بأن الخوص يتألف من أوراق جريد النخيل وتسمى "قلب النخلة" والذي ينتج عنه صناعات شعبية مختلفة منها الخوص، وقالت ان من بين المنتوجات الخوصية التي أقوم بصناعتها يدويا المروحة اليدوية (المهفة ) ، وسفرة الطعام والحصير والأواني الخوصية بمختلف أحجامها وأشكالها وألوانها كالمناخل وزبلان التمر وعرى الخلط ، مؤكدة بأن هذه الحرفة الشعبية تعد مكسب لديها و استطاعت من خلالها تحقيق مكاسب مادية و خاصة من خلال مشاركاتها وفي مواسم القرقيعان . 60 عاما في الخوصيات وقالت الحرفية رباب البحر والتي يتجاوز عمرها عن60 عاماً انها تعلمت هذه الحرفة ( الخوصيات ) من والدتها وهي في عمر ال10 سنوات ولا زالت تمارسها حتى هذا اليوم مبينه بأنها تقوم بصناعة الخوص من أوراق شجر النخيل "سعفها" ، وان اجادتها للحرفة جعلها سريعة في القيام بأي عمل وأي طلب للخوصيات ، وقالت هناك اعداد كثيرة من السيدات مازالوا يعتمدون على هذه الصناعة ويتخذونها حرفة ومصدر رزق لهن ، موضحه ان مصدر الرزق منها وافر وتمنت ان تعلم من يرغب تعلم الحرفة وقالت لا يمكن لاي شخص استطاعته القيام بهذه الحرفة الشاقة والمتعبة، لأنها تتطلب الفن و المهارة والدقة في العمل ، و ان عشقها للتراث والحرف اليدوية جعلها تقوم بصناعة الخوص ، وأوضحت انها تقوم بصنع المشغولات التراثية المختلفة و أن الأمهات في الماضي كنا يعتمدن في صنعة من البيئة المحيطة بهن من مواد أولية تشمل أدوات البيت ومستلزماته وأن المرأة الاحسائية كانت قديماً تقوم بتبطين البيوت بالحصر المزخرفة المصنوعة من خوص النخل، كما كانت تصنع من السعفيات أوانٍ منزلية كالأطباق والحصير. اسعار الخوصيات مختلفة وتضيف فاطمة الرويشد والتي تبلغ من العمر 54 عاما تعلمت الحرفة وانا في عمر ال 7 سنوات ، مشيرة بأن المدة الزمنية في صناعة الخوص تتراوح على حسب الحجم و الكم المراد صنعه وان هناك صناعات ذات حجم كبير وتستغرق عدد من الايام للانتهاء منها, أما المنتجات الصغيرة فقد تستغرق ساعات محدودة فقط ، موضحه ان أسعار المنتجات الخوصية تعتمد على الحجم والشكل والمدة الزمنية في إنتاج الخوص وتصل الى خمس ريالات للحجم الصغير وما بين 50 إلى 60 ريالاً للحجم الكبير . صبغة الخوصيات وأشارت الحرفية مدنية داوود والتي تبلغ من العمر 50 عاما إلى أن صناعة الخوص عبارة عن أوراق النخيل التي تجدل مع بعضها البعض بطريقة تضيق أو تتسع حسب نوعية المنتج ويتراوح طول الخوصة فيما بين 20- 40 سم أما عرضها فيتراوح من 2- 3سم , وان حرفة الخوصيات تتناقلها الأجيال بالوراثة حيث تحرص الأم على نقل الحرفة الى ابنتها بكل اتقان لتتعلم أصول الحرفة وفى بعض المجتمعات تكون هناك شراكة بين الرجال و النساء بهذه الحرفة خصوصا في تصنيع السلال الكبيرة واستعمالات الخوص وطرق تصنيعه عديدة تتوقف على حسب موقعة من النخلة ،منوهة أن صناعة الخوص تتم من خلال صبغ الخوص بألوان مختلفة, وتبدأ الصباغة عادة بغلي الماء في وعاء كبير وتوضع فيه الصبغة المطلوبة ثم يتم إسقاط الخوص المطلوب تلوينه ويترك لمدة 5 دقائق ثم يرفع من الماء ويوضع في الظل حتى يجف , أما الخوص الأبيض أو الحليبى فأنة يكتسب هذا ألون نتيجة لتعرضه للشمس لفترة محدودة من الوقت ونتيجة تبخيره ، وعند تصنيع الخوص لابد من نقعه في الماء الحار لتليينه حتى يسهل تشكيلة سوا كان خوص عادى أو ملون لان الصبغة لا تزول بالماء وبعد (تطرية) الخوص يبدأ التصنيع بعمل ضفيرة طويلة ويختلف عرض الضفيرة حسب نوع الإنتاج وكلما زاد العرض زاد عدد أوراق الخوص المستعملة وباتت الصناعة أصعب وبعد صنع الجديلة يتم تشكيل الخوص حسب المنتج المراد صنعة وغالبا تتم بالاستعانة بإبرة عريضة وطويلة "تصنع عند الحداد خصيصا لهذا الغرض" , وخيط قد يكون أحيانا من الصوف للتزيين الا انه غالبا يكون من خوص نخيل الدوم حيث يتسم بمتانته. طلب كبير على الخوصيات الحرفية ام يوسف 55عاما اكدت انها المرة الاولى التي تتاح لها الفرصة لتشارك في مهرجان وأنها سعيدة بذلك ومؤكده بان هذه الحرفة منحتها الشي الكثير والالتقاء بالناس من الاحساء وخارجها ممن يسألن عن الحرفة وطبيعتها ويردن تعلمها مؤكده انها تحرص التنقل في الاسواق الشعبية نظرا للطلب الكبير على هذه الخوصيات . الجمعيات الضمان الاجتماعي الحرفيتان زينب العرباي وليلى سلمان قالتا ان هذه الحرفة (الخوصيات )هي مصدر رزق لهن ولمن يعمل بها ولا ننكر الجهود التي بذلت من جمعية فتاة الاحساء ومن الضمان الاجتماعي بالاحساء فهم من فتحوا امامنا الطريق وساهموا في دعمنا حتى اصبحنا أسراً منتجة نقدم هذه الحرف ونكسب منها ما يرضينا وفي الوقت نفسه نحافظ على تراثنا العريق تراث الاباء والأجداد وأنهن يحرصن على المشاركة في أي مهرجان داخلي وخارجي متى ما سمحت لهن الفرصة وهن على استعداد تام لتعليم من يرغب تعلم هذه الحرفة .