تسألني من أحب عن ايجابيات السنة التحضيرية في الجامعات السعودية! ولأنني لست بصدد تقييم نجاح أو فشل السنة التحضيرية في جامعاتنا بعد ما يقارب من العشر سنوات، ولأن الرأي في هذا المجال دون احصاءات وأرقام مثبتة هو تضليل للآخرين، لكن لنناقش الواقع الأقرب ضمن ممارسات التعليم العالي في الدول المتقدمة وواقعنا السعودي. الواقع المر أننا في الجامعات السعودية استحدثنا عاماً كاملاً اجبارياً لكل الطلبة بغض النظر عن تفاوت مستوياتهم، عام كامل من حياة كل شاب وشابة بساعات أكاديمية غير معترف بها! عام كامل تم اقتصاصه على حساب المقررات التخصصية وجودة مخرجات التعلم لدى الخريجين، عام كامل لا يوجد له مثيل في الجامعات العالمية بالولايات المتحدةالأمريكية والمملكة المتحدة، الدول التي يبتعث لها خريجونا! عام كامل من ميزانية الدولة، عام كامل كان سببا في فلترة الطلاب للشارع، وامعاناً في الضياع في التخطيط الإستراتيجي أسندناه لشركات تجارية وتحولت الأهداف السامية والخطط العلاجية لهذه السنة لمناقصات مالية و(حراج كم)! ولأني كما قلت لن أناقش الضعف العام في مستوى مخرجات السنة التحضيرية، سأناقش معكم الأدوار التي أفقه جهلاً بعضها، أولاً لا ينبغي بالجامعات تبني ضعف الفجوة بين التعليم العام والتعليم العالي، بل التركيز في سد الفجوة بين مخرجاتها وحاجة سوق العمل لأن (باب النجار أولى). إذن كيف نوازن بين خريج ثانوية ضعيف وخريج جامعي أضعف، وهذا هو الواقع الذي نتحمل بعضه وإن انكرناه! ولو ملكت الرأي والبصيرة الادارية في الاستشراف الإستراتيجي للتطوير الجامعي وسأذكركم لاحقاً، فهذه المقررات (التحضيرية) لا بد أن تستمر بعد اسنادها للجامعات فقط، وأن تختزل لفصل أو لمقررات جزئية علاجية لتقوية الطلاب المتعثرين في اختبارات التصفية دون ساعات محتسبة، أما بقية الطلبة فسيبدأون مباشرة بالتخصصات التي ينبغي أن تهرول جامعاتنا لسد فجواتها في تمكين الطلاب بأساسيات العلوم والمهن وأخلاقيات العمل. معضلة أخرى مقبلة وتحد مهول هو الآلاف من خريجات كليات العلوم والكليات الأدبية في المملكة العاطلات عن العمل بعد قرار اسناد التدريس لخريجات التربية فقط! والحل موجود وقائم وهو ما يسمى عالمياً بالماجستير المهني Professional Master's Degrees لتقوية الخريجات بأدبيات التدريس. والثورة المحدثة الآن هو ما يدعى بالماجستير المهني العلمي Professional Science Master's Degrees لخريجات الكليات العلمية و الماجستير المهني الانساني MFA لخريجات الكليات الأدبية. ومثله كثير ك MED الماجستير المهني التربوي و MPA ماجستير الادارة العامة للاداريين وهي برامج عليا لا تؤهل لدرجة الدكتوراة وإنما للوظيفة مباشرة. هؤلاء الخريجون من معلمين ومعلمات واداريين هم العلاج الحقيقي وهم من سيسد الفجوة في التعليم العام بتحسين مخرجاته لا السنة التحضيرية وأساتذة الشركات، فلنأخذ دورنا ونتيح للآخرين أدوارهم. أقول لمن يرغب بسماع رأيي إن الجامعات التي ستهرول تجاه التوسع في برامج الدراسات العليا التي تخدم سوق العمل وتوائم بين خريجيها واقتصاد المعرفة، الجامعات التي ستحلل حاجة سوق العمل دون قص ولصق لنماذج غربية أو عربية لا تنطبق على النموذج السعودي التنموي، الجامعات التي ستنخرط في الشراكات الصناعية لنماذج جامعات الأعمال الريادية، والجامعات التي ستراجع برامجها وتعيد فرمتة السنة التحضيرية ستقود السبق السعودي وتكون الفخر المقبل.