فلسفة الألم واسعة ولا يقصد بها الألم الجسدي فقط بل يتعداها ليشمل الألم الناتج عن المعاناة في جوانب مختلفة من حياة البشر بتجارب وظروف فردية أو جماعية مؤلمة عانى منها أصحابها فترة من الزمن وما زالوا يعانون، وقد آن الأوان كي نضع حدا لها ونقف أمام استنزاف الشعب واستغلال حاجتهم. في الوقت الذي ينادي البعض بإعادة ملف استقدام العمالة المنزلية لوزارة الداخلية لكونها الأكثر قدرة على إدارة الملف لخبرتها ومسؤوليتها المباشرة في تحصيل حقوق الطرفين وضبط المخالفين؛ تصدر لنا وزارة العمل نظام «مساند» للعمالة المنزلية وفيه تسلم الطوق كاملاً لبعض مكاتب الاستقدام المعتمدة لتلفه على أعناقنا بشدة وبدون رحمة -استخراج الفيز واستقدام العمالة من قبلها- دون أن تضبط لنا الأسعار المعلنة بالموقع والتي تتراوح ما بين 14 ألفا إلى 17 ألفا للعمالة المنزلية الفلبينية كمثال ولا تشملها تكلفة أصدار الفيزا. وبسؤال عدد من العاملات المنزليات الفلبينيات المستقدمات حديثاً عن تكلفة استقدامهن من الفلبين أفدن بأن التكلفة ما بين الكشف الطبي ومكاتب التدريب ( 10 آلاف بيزو) أي لا تزيد مجملة عن ألف ريال سعودي، ناهيك عن سعر التذكرة «قدوم» بنحو ألف ريال في المتوسط، والعاملة مسؤولة عن استخراج جوازها أو تجديده. فأين تذهب تلك المبالغ الباهظة المدفوعة لمكاتب الاستقدام؟ وقد دعت وزارة العمل الجميع ممن لديهم شكاوى أو ملاحظات على أداء مكاتب وشركات الاستقدام بالتواصل معها عبر الموقع الإلكتروني «مساند». كما أوضحت أن الموقع يتيح التعرف على الحقوق والواجبات والتكاليف والمعلومات عن المكاتب، ويوفر النماذج والمستندات المطلوبة. والمضحك المبكي؛ أن تلك المكاتب لا تملك حلولاً لو هربت العاملة أو أثبتت عدم جدارتها وقدرتها على العمل... الخ. والواقع لم نكن بحاجة إلى تلك المعلومات، ولم تشكل لنا مشكلة كي تُحل بهذه الطريقة المستفزة؛ فالأمر كان في غاية السهولة للتقديم على التأشيرة، واختيار مكتب الاستقدام، فنحن بحاجة إلى تحديد تكلفة الاستقدام وضبطها. هناك حلول جذرية لكون عدد العاملين في المملكة يربو عن 9ملايين عامل، يستحوذون على %42 من جملة الوظائف للقطاعين العام والخاص، وبالتالي تملك المملكة أسباب ضغط لا يستهان بها في مسألة التفاوض مع تلك الدول المصدرة للعمالة المنزلية والتي تبتزنا في مسألة تصدير عمالتها المنزلية خاصة وأن جزءا من مكوناتها المادية يعتمد على المبالغ الكبيرة التي تحولها عمالتها -فقد بلغ حجم المبالغ المحولة للسنوات العشر الماضية نحو 670 مليار ريال. ان الوضع الحالي لاستقدام العمالة المنزلية سيئ للغاية، وهناك أسئلة عديدة نطالب وزارة العمل بالإجابة عليها بكل شفافية ومنطقية: أولها ما سر عجزها عن التوصل إلى اتفاقيات مع تلك الدول المصدرة للعمالة المنزلية والتي تفرض علينا شروطا لا تفرضها على الدول المجاورة وبرواتب أقل وبدون تحفظات؟ لماذا لم تُحجم مكاتب الاستقدام وتُحدد لهم سعر استقدام العمالة المنزلية؟ أستاذ التنمية الاقتصادية بجامعة الدمام