كرست حكومة الاحتلال الإسرائيلية، ممثلة ببلدية القدس، التخطيط لحصر الوجود الفلسطيني وتقليصه في القدسالشرقية في أضيق مساحة من الارض وأقل عدد من المواطنين المقدسيين، وذلك من خلال سلسلة من العوامل والوسائل، أهمها التخطيط والبناء بالتوازي مع مصادرة الأراضي الفلسطينية، لصالح المناطق الخضراء وبناء المستوطنات اليهودية. وقال الخبير المختص في شؤون القدس الدكتور جمال عمرو: إن الاحتلال الإسرائيلي كرس التخطيط لخدمة المشروع الصهيوني العام، ولصالح الحرب الديمغرافية التي يشنها ضد المقدسيين. وأضاف: إن حكومة الاحتلال وأذرعها وخاصة الداخلية والآثار والبلدية الإسرائيلية يمارسون سياسات عنصرية ضد الفلسطينيين في القدس، من خلال تصنيف الأراضي بمساحات واسعة ك "مناطق خضراء" ممنوع البناء فيها، كما لا يسمحون بالبناء في المناطق المصنفة للبناء، إلا وفق شروط تعجيزية وبمبالغ خيالية لا يستطيع الفلسطيني المقدسي توفيرها، ودخله لا يسمح بدفع ضريبة التحسين، وضريبة الملكية، وضريبة الشوارع والمياه والمجاري، وغيرها من الضرائب الباهظة، والتي تصل إلى 100 ألف دولار لقاء رخصة البناء لشقة سكنية متوسطة الحجم. مشيراً إلى أن ذلك يدفع قسما كبيرا إلى التوجه للسكن في الضفة الغربية، ومحيط القدس خلف الجدار الإسرائيلي العنصري، وهناك الرخصة لا تكلف أكثر من 5 آلاف دولار فقط. وأوضح، أن هذا أحد أسباب دفع المواطنين المقدسيين للبناء دون ترخيص في القدس أو الخروج من المدينة تحت وطئة الضرائب والغرامات التي لا يستطيع تحملها المقدسي، فيخرج إلى محيط القدس، ويسكن الضفة الغربية، فيخسر الهوية المقدسية، وبهذه الطريقة يتم تفريغ المدينة المقدسة من أهلها وفق حرب إسرائيلية على الوجود الفلسطيني في القدس العربية الشرقية. ولفت عمرو إلى أن من بين الوسائل الإسرائيلية الرامية إلى مصادرة الأراضي الفلسطينية في القدس وطرد الفلسطينيين ومنعهم من التوسع والبناء في المدينة المقدسة، الشوارع الإلتفافية والاستيطانية لربط المستوطنات، ومصادرة آلاف الدونمات مثل الشارع رقم 443 الذي يربط القدس بتل أبيب، والذي ابتلع مساحات كبيرة من القدسالشرقية، أراضي بيت حنينا وبيرنبالا والجيب وبيت عور التحتا والفوقا وخربثة وغيرها. كذلك الشارع رقم 20 ورقم 21 في أراضي شعفاط شمال القدسالمحتلة الذي يجري شقة بآثاره المدمرة على بلدة شعفاط التاريخية الكنعانية. وقال عمرو: إن شارع رقم 21 يبتلع آلاف الدونمات ليربط بين مستوطنتي "بسجات زئيف" و"النبي يعقوب" بمستوطنة "رامات شلومو" ليمتد إلى الشمال (عطروت وموديعين)، وهو بذلك يدمر النسيج الاجتماعي والزراعي للقرية كونه شارعا سريعا سيلتهم مئات الدونمات الزراعية، وسيفصل شرق القرية عن غربها، ويفصلها عن أراضيها في منطقة الراس. ويرى الأستاذ إسحق أبو خضير، مدير مدرسة شعفاط ورئيس المجلس القروي فيها:"إن الشارع ابتلع مساحات واسعة من القرية، ودمر ما بقي لها من أراضي زراعية وفصل أهالي البلد عن أراضيهم التي أصبحت بين الشارع والمستوطنة. وقال: إن بلدية الاحتلال شرعت قبل عامين، بتنفيذ مخطط شارع "21 " الاستيطاني، وخلال الأيام الماضية، قامت بتجريف مساحات من الأراضي المتاخمة والمقابلة لمنازل السكان في المنطقة لاستكمال إحدى مراحل مخطط الشارع. ويشمل إنشاء شارع "21" أرصفة، ومسار للدراجات الهوائية، وبنية تحتية للمياه، والصرف الصحي، وإنارة، واتصالات، وزراعة أشجار، أما المستفيد الأول فهم المستوطنون. وتابع أبو خضير: "إن الشارع يمتد من مستوطنة "راموت شلومو ريخس شعفاط" ويلتهم حوالي 110 دونمات من أراضي المواطنين، معظمها أراضٍ قابلة للبناء حسب بلدية الاحتلال، وبالتالي شق الشارع فيها سيحول دون البناء المستقبلي في الحي يفصل الشارع الاستيطاني ما بين 400-500 دونم من أراض تعود ملكيتها للسكان، وسيصبح الوصول إليها بحاجة لسلك طرق أطول، ومعظمها مزروعة بأشجار الزيتون". وأوضح أبو خضير، أن بلدية الاحتلال سلمت 4 منازل أوامر هدم لصالح الشارع الاستيطاني، تأوي حوالي 15 شخصاً ،أن العائلات المتضررة قدمت اعتراضاتها على مشروع الشارع الاستيطاني، موضحين الأضرار الناجمة عنه، إلا أن سلطات الاحتلال ردت اعتراضاتهم لصالح الشارع، كما عرضت على العديد من السكان "التعويض المالي" بسبب الضرر الناجم عنه، إلا أنه رفضوا ذلك. وقال أبو خضير: "التعويض يعني البيع للاحتلال، وهذا ما نرفضه لأي غرض وتحت أي مسمى، إن كان شارعا أو لمنفعة عامة، فالشارع هدفه سياسي بحت وليس خدماتيا". وأوضح، أن سلطات الاحتلال صادرت آلاف الدونمات من أراضي شعفاط طوال السنوات الماضية لصالح المستوطنين، حيث صادرت سابقا ما يزيد عن 100 دونم من الأراضي لشق الشارع الاستيطاني الذي يربط بين "بسجات زئيف والتلة الفرنسية" "من الجهة الشرقية لحي شعفاط، كما تمت مصادرة الأرضي لبناء الوحدات الاستيطانية، إضافة إلى مشروع "القطار الخفيف" بالمنطقة، ومن الجهة الجنوبية، تم شق شارع "راموت – معالي ادوميم".واعتبر أن مصادرة الأراضي هو من أجل فصل شعفاط عن محيطها وتحويلها إلى مربع معزول ومحاصر من كافة الجهات بالمستوطنات والشوارع الاستيطانية. وحسب المختص في شؤون الاستيطاني "أحمد صب لبن"، فإن مخطط شارع 21 مطروح منذ تسعينات القرن الماضي، وسيتبع شق الشارع بناء (1500) وحدة استيطانية بمستوطنة "رمات شلومو"، وهو مشروع كانت قدمته ما تسمى ب"اللجنة اللوائية"، واشترطت مقابلة "الداخلية الإسرائيلية" شق شارع (21) حتى تصادق عليه. وأكد صب لبن، أن هذا الشارع الاستيطاني يعتبر السبب الرئيسي الذي كان وراء المصادقة على مخطط توسيع مستوطنة "رمات شلومو" عبر إضافة 1500 وحدة استيطانية تمت المصادقة عليها خلال الأعوام الماضية، وقد طرحت عطاءات لبناء 600 وحدة ضمن هذا المخطط. وأضاف صب لبن، أن مخطط الشارع يعمل على ربط مستوطنة "التلة الفرنسية" وما يحيطها بمنطقة "عطروت" شمال مدينة القدس، ويمر هذا الشارع في مسار بمحاذاة مستوطنة "رمات شلومو" ليضيف لها مدخلين إضافيين.