تحول التنافس الشريف في تحقيق الذهب والإنجازات بين بعض المحسوبين على الكرة السعودية بمختلف الميول والألوان الى صراع وتشفّ وشماتة على الفريق المنافس، ولا أستثني أي ناد جماهيري من هذا التحول الخطير والدخيل على مجتمعنا الرياضي. فالمسئول والناقد والمشجع أصبحوا يستمتعون بالشماتة ويفرحون بخسارة المنافس محليا أو خارجيا أكثر من الفرح بفوز فريقهم، وخصوصا ما يسمى الرباعي الكبير، وكذلك بعض الفرق التي تقع في مدينة واحدة وتجمع بينهم ديربيات. وتعلمنا في الماضي القريب ان الكرة دوارة، يوم لك ويوم عليك، ونقول للفائز مبروك وللخاسر حظ افضل. وكان الجميع يقف صفا واحدا مع المنتخبات الوطنية ومع من يمثل المملكة خارجيا، وخير مثال عندما حقق الاتفاق كأس الأندية الخليجية في نهاية عام 1983م، حيث اتحدت جماهير الفارس مع نظرائها في مختلف الأندية السعودية في المباراة النهائية، وكان في مقدمة الداعمين الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير فيصل بن فهد «يرحمه الله»، عندما حضر الى الدوحة وتابع التدريب الأخير وتقدم الحضور في استاد خليفة، والذي كان له الأثر الكبير بالفوز على العربي الكويتي بهدف جمال محمد، واحتفل الجميع بتحقيق الكأس للوطن. ونفس الكلام في المشاركات الأولى لبقية الأندية السعودية، مثل الهلال والنصر والاتحاد والأهلي والشباب. ومما يحز في النفس والخاطر قيام بعض القنوات الفضائية، وليس الكل، بإعطاء المتعصبين فرصة الظهور عبر الشاشات الفضية، ويجد ذلك المحلل مجالا خصباً لبث سمومه على مرأى ومسمع المشاهدين، ناهيك عن ما تضج به مواقع التواصل الاجتماعي من همز ولمز يسبب الاحتقان تاره وتارة اخرى يسبب الانفجار بين المتابعين. ولم يقتصر الامر على ذلك، بل امتد الى عدم الاكتراث بسلامة اللاعبين، حيث نجد من يفرح بإصابة أي لاعب من الفريق المنافس. لا نتحدث هنا عن بعض الصور السلبية في شبابنا، بل نتوقف عند كرة القدم المحلية التي تحولت من وسيلة للمتعة والتعارف بين الشباب الرياضي إلى أداة تباغض وخصومات وتنافر بين شباب الوطن. لم يصل الأمر الى هذا الحد، بل وصل الأمر لدى البعض الى الاصطياد في الماء العكر، باتهام شخصيات بعيدة عن الرياضة بالتدخل في الشأن الرياضي دعماً لهذا النادي او عرقلة ناد منافس. هل يريد هؤلاء المتعصبون من شباب الوطن أن يتناحر ويتخاصم من اجل الميول؟ واذا عدنا للخلف قليلا الى القرار القريب من هيئة المحترفين (قبل تغير المسمى الى رابطة المحترفين) قبل 5 سنوات تقريبا، بمنع الروابط والميكروفونات من دخول الملاعب، وتشجيع جماعات الالتراس، وهي وقود السخرية والاحتقان، ولكن حكمة وحنكة الأمير نايف بن عبدالعزيز «يرحمه الله» بمنع الالتراس من ملاعبنا كانت قرارا حكيما، حيث شاهدنا ما حدث في جمهورية مصر الشقيقة من الالتراس في لقاء المصري البورسعيدي مع الأهلي القاهري في عام 2012م ولقاء الزمالك مع انبي راح ضحيتهما 91 شابا. وحتى نحصن الأجيال القادمة يجب الضرب بيد من حديد على كل من يحاول التحريض وتهييج الجماهير الرياضية مهما كان اسمة أو شخصه، من مسئولين واعلاميين مع إقامة الندوات لرفع الوعي لدى شباب الوطن.