الأسبوع الماضي في الخطبتين اللتين انطلقتا من المسجد الحرام بمكة المكرمة والمسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة ليس بالأمر السهل حينما أسهب خطيبا المسجدين الحرمين بكلام جميل ورائع ومدهش حيث استمع إليهما 2 مليون مصل حاضرين وأكثر من مليار مسلم تابعها عبر القنوات الفضائية، وكانت مؤثرة في معناها وفي مجملها ومضمونها، كلمات وجمل تقشعر منها الأبدان بجميل القول وحسن اللفظ وصياغة الجمل... تستمتع وأنت تتابع الحديث بنسيج القول وترابط المعنى وجميعا تصب في الحدث الذي نعيش فيه اليوم وهو «عاصفة الحزم» مبينين لها وجهة النظر من المنظور الشرعي وأسباب تلك المعركة التي ندعو الله جميعا بأن تقطع يد الفساد على أرض اليمن. إن هاتين الخطبتين ضروريتان جدا لتوضيح الأمر لبعض من يشكك في شرعية تلك الحرب، خاصة أننا نتعامل مع أكثر من مليار مسلم وهى لخصت الأسباب الأساسية وراء تلك الضربة. عندما أوضح فضيلة الشيخ صالح آل طالب إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة أن بلاد اليمن مأرز للمؤمنين حافلة بالعلماء والصالحين، أهلها على صبر وحكمة وحلم وقناعة وحنكة، حتى بلوا بطلاب دنيا ممن باعوا ذممهم وخذلوا أمتهم فتمالوا مع العدو على أهلهم وشذ عن اليمنيين شرذمة باغية تدعمها قوة إقليمية كارهة للعرب حائدة عن الهدي والسنة تهدف إلى بسط هيمنتها على اليمن وجعله منطلقا لنفوذها على بلاد العرب والمسلمين، وتحالفت الفئة الباغية مع جماعات باعت وطنها ودينها لاستجلاب مكاسب شخصية أو عائلية على حساب عروبة اليمن وعقيدتها، تحركهم في ذلك كتلة شر اعتادت على عداء العرب والمسلمين وسعت في زراعة شوكة في خاصرة الجزيرة العربية مكررة نفس المشهد ونفس الزرع الذي غرسته في الشام ولم يلق العرب والمسلمون من زرعهما هذا خيرا... والخطبة أيضا تناولت دور السعودية مع أشقائها بأنهم ليسوا بمعزل عن هذه الكارثة المحيطة منذ البداية بل سعت المملكة بعقلها وحلمها لإطفاء نار الحكمة وصناعة المبادرات ورعايتها وجمع الفرقاء ودعم الحوار وتجنيب اليمن أن ينزلق في حروب أهلية أو ينفلت في الفوضى والاضطراب، وصبرت طويلا وحلمت كثيرا لكن نداء العقل ضاع في عماية الطائفية واستقواء البغاء في تدخلات الغرباء السافرة الرامية إلى زعزعة المنطقة ونشر الفوضى والحروب الداخلية. فضيلة الشيخ إمام المسجد الحرام صالح آل طالب واصل خطبته الجميلة بأن قرار الملك كان شجاعا حكيما جاء في وقت بأمس الحاجة له، ولبى أمنية الأمة المحتاجة؛ قياما بحق الأخوة وحق الجوار واستجابة لنداء الشعب اليمني المسلم وإغاثة للملهوف وحكاية للديار وإنقاذا لبلاد الإسلام من سيطرة المد الصفوي المحتل، وبارك الله في خطة الملك وبارك في عمره وعمله وأيده بتأييده. وفي نهاية الخطبة قدم تهنئته لهذه العزة والمنعة والاجتماع والتحالف والائتلاف وأن تكون بداية لكسر صنم التمدد الخطير للعدو في الأمة، حينما أرجعت تلك المعركة «عاصفة الحزم» للأمة روحها وأملها وجمعت الكلمة ووحدت الصف وعرفت الأمة بعدوها. كنت أتمنى أن أكتب كل ما ذكر في الخطبة الجميلة ونعلق على كل سطر فيها ولكن حجم المساحة وهذه الزاوية لا تسمح بأكثر مما كتب... وهناك الكثير من الكلمات والجمل التي لم تذكر فيها من الدروس والعبر لهذه الحرب المفروضة علينا تستحق أن يكتب عنها في كتب ومجلدات وتنشر لملايين من المسلمين لتوضيح الحق والعدل وكيفية إعادة الأمور إلى نصابها، وربما القليل يفتح الكثير من الخير ويكون هناك مجال جديد دون وجود أيد عابثة وفاسدة بيننا. هنيئا لإمامي الحرمين الشريفين فضيلة الشيخ صالح آل طالب وكذلك فضيلة الشيخ على بن عبدالرحمن الحذيفي الذي لم نستطع عرض خطبته لضيق المساحة والذي نتمنى أن نستعرضها في مقالة أخرى وإلى الأمام والنصر المؤزر لصقورنا ورجالنا البواسل.