إلى وقت قريب كان الكثير من الناس يعتقد ان الحديث في الأمور العسكرية والأمنية من الصعب الحديث عنها أو الخوض فيها. وكان الكثير يرى من ينتمي إلى جهة عسكرية أو أمنية دائما لديه تحفظات أثناء الحديث عن الكثير من الأمور. بل إن الكثير كان لديه نمط محدد عما يتمتع به من ينتسب للسلك العسكري أو الأمني. ولكن الواقع عكس ذلك. فبعد توافر وسائل التواصل الاجتماعي والطفرة في الاتصالات كانت وزارة الدفاع ووزارة الداخلية السباقة في الانفتاح ليس على المجتمع فقط، بل وعلى العالم بأسره. ومنذ حرب تحرير الكويت حين كنا نرى المتحدث الرسمي أثناء عاصفة الصحراء اللواء أحمد الربيعان فقد بدأت الصورة النمطية تتغير. وفي الوقت الحالي أصبح صوت وصورة اللواء منصور التركي كمتحدث باسم وزارة الداخلية والعميد أحمد عسيري كمتحدث باسم عاصفة الحزم، لهو دلالة واضحة على ما يتمتع به الضابط السعودي من ثقافة عالية وسرعة بديهة وثقة بمقابلة الإعلام ليس المحلي فقط، بل أقوى وأشهر الوسائل الإعلامية في العالم. وأصبحت وزارة الداخلية ووزارة الدفاع نموذجا من الشفافية يرغب المواطن أن يراه في بقية الوزارات والإدارات، لكي يستمع لما لديها وينتظر منها شرح بعض الأمور الطارئة. فهناك وزارات تهم المواطن بشكل دائم ولا بد من وجود متحدث دائم يتحدث باسمها وبشفافية. ومع أن بعض الوزارات يوجد بها الكثير من حملة الدكتوراة في التواصل الاجتماعي، إلا أن المتحدثين العسكريين بدا واضحا أنهم على درجة عالية من التعليم ليكونوا في الواقع يقدمون دروسا مجانية لبقية الوزارات عن كيفية الرد وكيفية التحدث وتقديم المعلومة؛ لكي يقطعوا الطريق على كلمة القيل والقال ولا يتركوا مجالا للشائعة لأن المعلومة تم تقديمها بدقة وبشفافية. بل إن العالم أجمع رأى كيف ان وزارة الداخلية لدينا هي الوحيدة في العالم التي أعلنت صراحة عن عدد السجناء ممن يهددون أمن الوطن واسمائهم، بل أنها فتحت السجون لوسائل الإعلام لكي يرى الواقع كما هو ليعكس ذلك نشاط واحترافية وزارة الداخلية. وفي الوقت الحالي ومنذ بداية عاصفة الحزم أصبحنا نرى وسائل الإعلام الأحنبية سواء «بي بي سي» أو غيرها تستقي الخبر والمعلومة من المتحدث السعودي. والآن اتضح للمواطن أن الوزارات التي تعنى بالدفاع عن هذا البلد وتحمي أمنه، بأنها أكثر الوزارات شفافية في طرح الحدث مهما كانت حساسيته، في وقت الكل يتطلع من الوزارات الأخرى بأن تكون متواجدة عبر متحدث رسمي لها لكي يقوم بشرح أي استفسارات من الوزارات التي تهم المواطن بصورة يومية، سواء أكانت وزارة العمل أو المالية أو التعليم وغيرها. إن وجود متحدث رسمي يجعل المواطن على صلة بالجهة الرسمية ويجعل استفساراته واضحة لا تقبل الأخذ والرد. فمن اللواء منصور التركي والعميد أحمد عسيري، فحتى المواطن العادي استفاد من معلومات الدروس المجانية. * كاتب ومحلل سياسي