من خلال الأحداث المتلاحقة تبرز بعض الشخصيات الرسمية التي تسجل بصمات واضحة ومتميزة في المشهد الإعلامي العربي والدولي ويكون لها ثأثير واضح في صنع الحدث وتحديد معالمه. ومعظم هذه الشخصيات وضعتها الظروف في مواجهة مع الإعلام وأصبحت تتفوق على الكثير من المتخصصين في المجال الإعلامي. ومن أبرز هؤلاء اللواء منصور التركي المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية الذي واجه الإعلام في فترة عصيبة ومهمة في تاريخ المملكة وخلال المواجهات مع الإرهاب والإرهابيين, وكان استثنائياً في تقديمه لحقائق تلك المواجهات ولكل ما يمت لوزارة الداخلية بصلة. كان صريحاً ودقيقاً وشفافاً وهو يستقبل الإعلاميين من مختلف الاتجاهات ليجيب عن استفساراتهم بكل وضوح, حتى أنه كان في معظم الأحيان أدق من أغلب وسائل الإعلام المحلية في وصفه للأحداث الأمنية, مشكلاً لوحده وزارة إعلام, خاصة عندما واجه مندوبي وسائل الإعلام الأجنبية التي كانت تزور المملكة في ذلك الوقت. اللواء منصور التركي لم يكن من الذين يتعاملون بشكل غامض ومبهم مع وسائل الإعلام, بل كان على العكس من كثير من المسؤولين الإعلاميين في بقية القطاعات الحكومية الذين يعتمدون سياسة التعتيم والمواربة وكأن هذا دورهم الحقيقي, كان اللواء التركي صريحاً بشكل ساهم في تصحيح الصورة الخاطئة التي أخذت عن الوضع الأمني في المملكة. وعندما تحدث الأسبوع الماضي عن التجاوزات التي يرتكبها الإعلاميون في سبيل الحصول على المعلومة وعدم اعتمادهم على المصدر الحقيقي لها إنما يتحدث عن تجربة حقيقية عايشها وعانى منها. على الجانب الآخر برز اسم الفريق ضاحي خلفان مدير شرطة دبي وأصبح حالة إعلامية نادرة من خلال تصديه للإرهاب ليس بالقانون فحسب بل بالتصريحات التي كانت تمثل لوحدها سلاحاً فتاكاً في وجه الفئات التي لم تتعود من الرجل العسكري عادة إلا القوة الجسدية لا الفكرية. الفريق ضاحي كان يراهن على أن الإعلامي الحقيقي إنما هو إحساس وموهبة وليست مجرد أدوات ونظريات تدرس لذلك تولى مهمة التصدي للجماعات الإرهابية بسلاح لا يقل خطورة من قنابلهم ألا وهو الإعلام وكان ناجحاً ومؤثراً بشكل مدهش. التركي وخلفان نموذج راق ومتميز صنعت منهما الظروف إعلاميين فأبدعا وتفوقا على أصحاب النظريات والتنظير!.