يبحث رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي عن طرق لتعزيز برنامجه الاقتصادي. وفي رأيي أن أفضل خطوة يمكنه اتخاذها هي اتباع نصيحة كيرت كيلي، الذي يعمل مديراً لتكنولوجيا البطاريات في شركة تيسلا، المختصة في صناعة السيارات الكهربائية. في كلمة عامة ألقاها كيلي في أوساكا، لخص كل الأمور السلبية التي تعيق الاقتصاد الياباني. وقال: «نحن بحاجة إلى الدخول في المخاطر، وإلا فلن تكون هناك رغبة في الأعمال.» كان كيلي يتكلم باليابانية بطلاقة. وأضاف: «نحن ندخل في المخاطر، لكن على ما يبدو فإن اليابان لا تفعل.» اليابانيون في العادة حساسون حين ينتقدهم الأجانب، لكن لم يكن بمقدروهم تجاهل انتقادات كيلي. فقد عمل لمدة 15 عاما في اكتشاف حلول الطاقة في مختبرات باناسونيك الشهيرة. الواقع أن باناسونيك هي استثناء لملاحظات كيلي الانتقادية القوية، وهذا ليس صدفة. في الفترة الأخيرة أعلنت تيسلا عن قيام شراكة مع باناسونيك لإنشاء ما يسمى بالمصنع الضخم gigafactory بهدف إنتاج بطاريات سيارات بتكنولوجيا عالية. تعتبر باناسونيك من الأمثلة النادرة على الشركات التي اتخذت المخاطر، واستفادت منها. بدأت الشركة في عام 1918 في منزل من طابقين في أوساكا، ثم أصبحت في نهاية المطاف شركة ضخمة من الشركات متعددة الجنسيات في مجال الإلكترونيات. وبعد أن تراجعت وراء أبل وسامسونج في السنوات الأخيرة، قررت أخيرا اتخاذ خطوة حاسمة - في عام 2013. حيث أعلنت أنها سوف تتخلى عن سوق تلفزيون البلازما، وبدأت بالتركيز على البطاريات والألواح الشمسية. هذا القرار حقق فائدة ضخمة للشركة، من خلال شراكتها مع تيسلا. تيسلا ليست وحدها من بين الشركات التي تستفيد من قوة التكنولوجيا اليابانية. أبل على سبيل المثال سوف تفتتح مركزا جديدا للأبحاث والتطوير في يوكوهاما. لكن تيسلا تركز الضوء على أنجح صناعة مجزية للمستقبل في اليابان. منذ أوائل السبعينيات، حين ساعدت جامعة كيوشو في تطوير بطارية الكربون المزدوجة، أصبحت اليابان رائدة في هذا المجال. ومن المتوقع أن يرتفع الطلب على البطاريات ارتفاعا كبيرا في السنوات المقبلة، حيث من المتوقع أن البطاريات ذات النطاق العالي سوف تحل محل الوقود النفطي والغاز في تشغيل السيارات والطائرات والسفن وحتى المباني. هذه البطاريات، بالإضافة إلى قدرتها على إنقاذ الكوكب من الغازات الحرارية، يمكنها أيضا إنقاذ الاقتصاد الياباني. من الناحية السياسية، جاءت مشاركة تيسلا لليابان في وقتها تماما. يتوقع التنفيذيون في كبرى الشركات اليابانية تراجعا في النمو والمزيد من الانكماش هذا العام. وبالتالي يستطيع آبي أن يستعين بمثال الشراكة من أجل إعادة برنامجه الاقتصادي على مساره. منذ أن تولى آبي السلطة في ديسمبر 2012، زاد من الإنفاق الحكومي على الأشغال العامة، وقام بهندسة انخفاض بنسبة 29% في قيمة الين. لكنه لم يحقق تقدما يذكر في زيادة القدرة التنافسية لليابان أو تطوير وتشجيع المزيد من ثقافة روح المشاريع، التي تخلق الثروة وتجتذب الاستثمارات. وكما أشار كيلي في كلمته، تتمتع اليابان بجميع مكونات النجاح. كل ما تحتاجه فقط هو السياسات التي تعمل على تحقيق هذا النجاح. الواقع أنه يجدر بآبي أن يستحضر مثال باناسونيك في كل مناسبة، فهو يعرض مثالا واضحا على الطريقة التي يستطيع بها الاقتصاد الياباني أن يعيد بها شحن بطاريته الخاصة.