بدأت كينيا، الأحد، حداداً وطنياً يستمر ثلاثة أيام على ضحايا الهجوم على جامعة غاريسا (شرق) الذي نفذته حركة الشباب الإسلامية، وأسفر عن سقوط 148 قتيلاً، معظمهم من الطلاب، بينما وجهت الصحف المحلية انتقادات حادة لبطء تحرك السلطات. ودافعت وزيرة الخارجية أمينة محمد، أيضا عن أداء الحكومة. وقالت لفرانس برس، السبت، إن "مكافحة الإرهاب (...) تشبه عمل حارس المرمى. تمنع الكرة من الدخول مائة مرة، ولا أحد يتذكر ذلك. لا نتذكر سوى ما يحدث". ودعا كينياتا في خطابه، مساء السبت، خصوصا البلاد ومختلف أطيافها إلى البقاء متحدة. وقال: "لنعمل من أجل ألا يؤدي غضبنا المبرر (...) إلى استهداف أي مجموعة بالإدانة"، مشيرا إلى المسلمين من صوماليين وكينيين يتحدرون من الإتنية الصومالية، الذين يتهمون باستمرار أو يتعرضون لتجاوزات من قبل الأمن بعد مثل هذه الهجمات. وقامت مجموعة من المسلمين، السبت، بتظاهرة في حي ايستلي في نيروبي الذي يقطنه صوماليون، خصوصا للتذكير بأن "المسلمين أيضا هم ضحايا للإرهاب" وأن "المسلم ليس عضوا في حركة الشباب".ويحتفل هذا البلد الذي يشكل المسيحيون 80 % من سكانه بعيد الفصح في أجواء الحزن، وكل القداديس التي ستجرى في البلاد ستكون على أرواح الذين قتلوا فجر الخميس، في حرم الجامعة. وكان الرئيس الكيني اوهورو كينياتا أعلن، مساء السبت، الحداد الوطني لثلاثة أيام "ستنكس خلالها أعلامنا". وقال في أول خطاب له منذ الاعتداء، إن "حكومتي سترد بأقسى شكل ممكن على الهجوم وعلى كل هجوم آخر". وأكد أنه "على الرغم من الظروف لم نرضخ ولن نرضخ أبدا". وتابع أن المسؤولين عن هذا الهجوم "سيحالون على القضاء". انتقادات وتتعرض حكومة الرئيس منذ ثلاثة أيام لانتقادات بسبب عجزها عن كسر دوامة هجمات الشباب الإسلاميين على الأراضي الكينية، حيث أدت إلى سقوط أكثر من 400 قتيل منذ منتصف 2013. وفي هذا الإطار، قالت الصحف المحلية، أمس، إن القوات الخاصة الكينية لم تنتشر لمواجهة الإسلاميين المسلحين إلا بعد سبع ساعات من بدء الهجوم. وكتبت صحيفة لاناسيون، أن الإنذار وصل إلى وحدة جنود النخبة في القوات الخاصة في نيروبي ما إن بدأت الأخبار الأولى تعرف عن الهجوم فجرا، في هذه المدينة التي تبعد 365 كلم عن العاصمة. وأضافت، أن القوة العسكرية الرئيسية لم تصل إلى الموقع قبل الظهر، مشيرة إلى أن الطائرة الأولى قامت بنقل وزير الداخلية وقائد الشرطة. وكتبت الصحيفة في افتتاحيتها "إنه إهمال أقرب إلى عمل إجرامي". وأضافت، أن "المسلحين الذين قتلوا عشرات الطلاب استفادوا من كل الوقت المتاح لهم".وقال مراسلون صحافيون: إن بعض الصحافيين الذين غادروا نيروبي متوجهين إلى غاريسا بعد الأنباء الأولية عن الهجوم، وصلوا قبل القوات الخاصة التي تم نقلها بالطائرة. أما الصحيفة الكبرى الأخرى "ذي ستاندارد" فقد نشرت رسما كاريكاتيريا لثعبان يمثل "التهديد الإرهابي" يوقظ رجل أمن "بلسعه" وكلب يعوي مع عبارة "قليل جدا وتأخر كبير".وكان كينياتا رد على انتقادات في هذا الشأن قائلا: السبت، إن "التصدي للإرهاب بات صعبا للغاية لأن من يخططون ويمولون مزروعون داخل مجتمعاتنا، وكانوا يعتبرون أناسا عاديين وغير عدائيين"، مؤكدا "لن نتركهم يواصلون العيش بشكل عادي". من جهته، قال وزير الداخلية جوزف نكاسيري، إن "مثل هذا الحادث يمكن أن يقع فجأة في أي بلد"، بينما أكد الناطق باسم الوزارة مويندا نجوكا "إذا نظرتم إلى الطريقة التي تحركنا فيها فستجدون أنها ليست سيئة بالمقارنة مع ما حدث في ويستغيت".وقالت صحيفة لاناسيون، إن الجنود لم يدخلوا حرم الجامعة، حيث كان يتحصن المهاجمون إلا عند الساعة 17,00 أي قبيل المساء، لمنع إطالة الحصار على ما يبدو كما حدث في الهجوم الواسع على مركز ويستغيت التجاري في نيروبي في سبتمبر 2013، الذي استمر أربعة أيام وأودى بحياة 67 شخصا. وأضافت، أن "ما يتحدى المنطق هو أن ترى كل الأخطاء التي رأيناها في ويستغيت - بما فيها التأخر في نشر القوات الخاصة للشرطة - تتكرر في غاريسا". تهديد جديد وجاءت تصريحات كينياتا بعد ساعات على تهديد جديد أطلقته حركة الشباب الصومالية بشن "حرب طويلة مرعبة" و"حمام دم جديد" في كينيا. وقالت الحركة المرتبطة بتنظيم القاعدة في بيان نشر باللغة الانكليزية: "إن شاء الله، لا شىء سيوقف ثأرنا للقتلى من أخوتنا المسلمين إلى أن توقف حكومتكم قمعها وأن تتحرر كل أراضي المسلمين من الاحتلال الكيني". وأضافت: "حتى يتحقق ذلك، ستسيل الدماء في المدن الكينية وستكون حرباً طويلاً ومرعبة ستكونون أنتم، سكان كينيا، أول ضحاياها". وتحدثت حركة الشباب عن "فظائع لا اسم لها" ترتكبها السلطات الكينية ضد المسلمين في جنوبالصومال منذ بدء تدخلها العسكري في نهاية 2011، وكذلك منذ عقود في المناطق الحدودية للصومال التي يقطنها كينيون ينتمون إلى الإتنية الصومالية أو صوماليون. وقال البيان: إن المهاجمين في غاريسا أرادوا "الانتقام لعشرات الآلاف من القتلى المسلمين من قبل قوات الأمن الكينية". وهدد الشباب باستهداف "مدارس وجامعات وأماكن عمل وحتى بيوتكم" لمعاقبة الكينيين على انتخابهم هذه الحكومة.من جهة أخرى، أعلنت وزارة الداخلية الكينية، السبت، أن الشرطة تحقق مع خمسة أشخاص اعتقلتهم في إطار التحقيق في الهجوم الذي يعد الأعنف منذ الاعتداء على السفارة الأميركية في نيروبي في 1998 الذي أدى إلى سقوط 213 قتيلاً.