قِصتهُ لا تشبه إلا قِصته.. ما زالت صدارة دوري جميل تحت قبضة النصر الذي جرّ النصر والزعامة في (19)جولة متتالية.. قدم نفسه مؤخراً أمام الاتحاد ب(لوك) جديد وروح جديدة.. وقطع حبل العميد قبل التسلق.. وأسقطه في الجوهرة المشعة وعلى مرآى (ستين الفاً) من جماهيره المخيفة، وفرض عليه البقاء في الصحن الخارجي ومنعه من تجاوز الحديقة الخلفية. العالمي حوّل كابوس العميد لغيمة كاذبة مرت مرور الكرام.. واستطاع بجبروته وتصميمه كسر إرداة التحديات التي كانت تتربص به.. وفوزه الصريح على الاتحاد (3/1) جاء بمثابة (بوليصة التأمين) وضمانة أوليه لإحكام التمسك بالقمة، خاصة وأن ورثة ماجد عبدالله عقدوا العزم على عدم التفريط بها.. بعد أن بات الضوء الاصفر والازرق جلياً في آخر النفق. وأعتقد أن بمقدور النصر الفوز على التعاون وهجر في الرياض وعلى الفيصلي في المجمعة ايضاً لوجود الفارق.. وهذا يعني أن الصدارة ستبقى نصراوية لثلاث جولات قادمة في ظل مباريات قوية وشديدة التعقيد والحساسية، ولا سبيل أمامه إلا استعمال القوة المفرطة للحيلولة دون ترك أحد يطارده على القمة، بعد جهوده المضنية على مدى موسم كامل. نعود لكلاسيكو الاتحاد والنصر لنقول: المباراة قمة وغاية في الروعة والاثارة والتنافس.. ولم يشفع للاتحاد التقدم بهدف الغامدي في الشوط الأول.. فدفع ثمناً غالياً في الشوط الثاني، وخضع لسيطرة العالمي الذي بسط نفوذه بالقوة ونجح مدرب النصر الاورغوياني خورخي ديسيلفا في اتباع تكتيك متوازن نفذه اللاعبون بروح عالية وبراعة ودقة، كما ابدع ديسيلفا بتحريك البيادق الذين قاموا بأدوار ديناميكية.. ولجموا فعالية العميد وعطلوا مفاعيله بأقدام مسنونة لا ترحم.. وتفوق خط وسط النصر في الامداد والتموين والمساندة وإنعاش شرايينه الهجومية.. وكان السهلاوي والراهب أشبه بالشوكة في خاصرتي العميد، وفتحا مع الفريدي وادريان أحشاء دفاعاته. بالمقابل، اختار مدرب الاتحاد الروماني فيكتور بيتوركا خيارات خاطئة، مما زاد من تأزم فريقه المتفجر سوءاً.. فلم يوفق في تكتيك الشوط الثاني، ولم يحاول ايجاد بدائل.. فلا يكفي أن يكون فريقه قوياً وقادراً، بل الأهم أن يستند المدرب إلى استراتيجية منظمة في تحركات وأدوار اللاعبين تتناغم مع مسارات المباراة.. فأخطأ في استبدال ماركينيو، وأخطأ ايضاً في عدم اشراك عبدالفتاح عسيري منذ البداية. ولا يخفى على أحد أن الاهلي هو أقوى وأقرب المطاردين.. صحيح أنه فاز على العالمي ذهاباً واياباً في الدوري، إلا أن هذا الفوز المزدوج لم يشفع له بانتزاع الصدارة.. وما زال النصر يتمسك بخيوطها.. ويمتلك ناصية حسم امره بنفسه.. بينما ترك للأهلي الانتظار على باب الجمعية الخيرية طالباً وراغباً بمساعدة الاطراف الاخرى.. لعله يستفيد من خلل التوازن ويحقق أمله في استباحة القمة، علماً بأنه (لم ينعم بالصدارة أكثر من 24 ساعة فقط).. وفي حال نجاح الراقي في تحقيق حلمه سنكون أول المباركين له؛ لأنه خير خلف لخير سلف.وأخيراً، فبعض فرق دوري جميل من أندية متطرفة.. جعلوا من خسارة النصر أمام الاهلي في جولة الاياب قصة.. واحتفلوا وهللوا وعبروا عن سعادتهم المشوبة بالتشفي والشماتة.. لاعتقادهم بقرب ضياع الصدارة والبطولة من النصر.. لأن سقوط النصر هدفهم الاستراتيجي.. كان بودي أن يفاخر هؤلاء بنتائج فرقهم، وليس التمسك بالمثل الشعبي الذي يقول: (القرعة تتباهى بشعر جارتها).. وإلى اللقاء.