تفوق الأهلي (الوصيف) فاق التوقعات وعجل في قطع حبل النصر (المتصدر) قبل أن يلتف على رقبته، ونجح في قلب خسارته بهدفين أمام النصر إلى فوز مؤازر وحاسم في إطار الجولة العشرين من دوري جميل، وأثبت الملكي قدرة نوعية على إحداث تعديل في موازين القوى بين فرق الصدارة، وقلص الفارق بينه وبين النصر المتصدر إلى نقطتين، وفتح العمليات الجراحية لفرق القمة التي تثير المخاوف وتخلّ بالتوازنات، وتؤسس لأخطار متشعبة وقادمة من كل الاتجاهات بالرغم من وجود ست جولات على النهاية. وأعتقد أن فوز الأهلي زرع الضمانات في قلوب جماهيره وترك الضمادات للعالمي بعد أن اهتز خيط الأمان الذي كان يحتمي به، ونجح الراقي في إبطال مفعول اللغم المفخخ، وأحبط التحدي المُعلن والمُعد لإسقاطه، واستبداله بأسلوب القوة المفرطة، واستعمال الضربة القاضية وهي المفضلة في المباريات المفصلية؛ لأن مدرب الأهلي جروس أجاد قراءة المباراة منذ بدايتها خاصة بعد تقدم النصر بهدفين، واتبع نهجًا هجوميًا متوازنًا، وبرع في تحريك البيادق التي قامت بأدوار ديناميكية وقتالية، فلجموا الاندفاعات النصراوية وبرع خط الوسط بقيادة تيسير الجاسم في إنعاش الشرايين الهجومية. بالمقابل لم يوفق مدرب النصر ديسيلفا في التشكيل والتبديل واختار خيارات خاطئة مما زاد من وضعه المتأزم في الشوط الثاني؛ لأن اختيار شراحيلي كظهير أيمن غير صائب، واستبدال فابيان غير موفق، والتأخر في استبدال الفريدي خطأ، واعتقد أن النصر بحاجة ماسة للاعبين شباب وأكفاء بدل الحارس عبدالله العنزي الذي انخفض مستواه كثيرًا هذا الموسم، إضافة إلى استبعاد محمد حسين وحسين عبدالغني لتقدمهما في السن واهتزاز مستواهما، فالنصر خسر أمام الأهلي بأخطاء فردية وتحكيمية، ولم يكن سيئًا بل لعب باستراتيجية منضبطة في تحركات وأدوار اللاعبين، وربما تكون اللياقة البدنية خذلت العالمي في المراحل الأخيرة. ولا أحد يتَوهّم أن عاصفة الأهلي مرت، وعثرة النصر الصعبة زالت، وأن الملكي ضمن مقعد بطولة جميل، ولا بد من الاعتراف أن الحكم السويسري آلن بيري جامل ابن جلدته مدرب الأهلي جروس وأهداه الهدف الثالث على طبق من ذهب؛ لأن بداية (الرفعة) من خطأ مزيف بحق الفريدي الذي لم يلمس لاعب الأهلي إطلاقًا، وأملنا من الأمانة العامة للاتحاد السعودي لكرة القدم مراعاة ما حدث أُسوة بإبعاد الحكم البحريني شكر الله عن نهائي كأس السوبر بسبب وجود البحريني محمد حسين بفريق النصر. وأود في الختام أن أُبشر الخائفين على فرق الصدارة وأقطاب الزعامة القريبين من بطولة دوري جميل (النصر والأهلي والاتحاد) والخائفين من الصدارة أن يسلموا علانية وسرًا أن بطولة دوري جميل باتت في نفق غامض ومظلم، والجولات الست المتبقية ستكون أكثر صعوبة وتعقيدًا وحساسية، وربما تؤول لصدمات مؤلمة ومفاجئة، وإلى اللقاء.