هناك انتخابات بريطانية تلوح في الأفق. قبل التدقيق في الخطة الاقتصادية لكل حزب، يجدر بنا أن نأخذ نظرة أخرى على السياسات الواردة في الميزانية الأخيرة للحكومة الائتلافية. في حين أن هذه الميزانية هي خط الأساس الذي تقيس الأحزاب الرئيسية الثلاثة نفسها على أساسها قبل التصويت في السابع من أيار (مايو)، إلا أنه لن يقوم أي من الأحزاب بتنفيذ هذه الخطة إذا كان سيحكُم وحده. على مدى الأعوام القليلة الماضية، أصبح هذا التخطيط دليلًا ذا فائدة أقل بكثير لأي سياسة يمكن أن يتم تنفيذها بالفعل، كما تم تغيير الشكل الحالي بحيث يمكن الحُكم عليه لتحقيق الأهداف التي وضعتها الحكومة الائتلافية لنفسها. أول هذه الأهداف هو تخفيض ديون القطاع العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي 2016/2017. هذا الهدف من المتوقع حاليًا أن يتحقق قبل أوانه بعام (بما يتفق مع الهدف السابق) لكن فقط لأن الحكومة تُخطط الآن لبيع أسهم في مجموعة لويدز المصرفية هذا العام. وفي حين أن هذا سيعمل على تخفيض صافي ديون القطاع العام في ظل الممارسات المحاسبية الوطنية، علينا أن نتذكر أن هذا يأتي على حساب القيام بالمزيد من الاقتراض لتعويض الأرباح التي كان من الممكن أن تقوم الأصول بتوليدها خلافًا لذلك. يعود الأمر للناخبين للحُكم على ما إذا كانت المخاطر المرتبطة بالبيع السريع قد تتفوّق على فوائد انخفاض الديون قليلًا في أحد الأعوام بدلًا من عام آخر. الهدف المالي الثاني للحكومة هو أن تكون الموارد المالية في القطاع العام، باستثناء الاستثمارات وتلك المُعدّلة لتنسجم مع آثار الدورة الاقتصادية، متوازنة على مدى ثلاثة أعوام - حاليًا بحلول العام المالي 2017/ 2018. مرة أخرى، من المتوقع أن تقوم الحكومة بتحقيق هذا الهدف، لكن فقط لأنها قامت برسم مسار غير محتمل للإنفاق العام.. هذه الخطط سوف تشهد الإنفاق على الخدمات العامة من حيث القيمة الحقيقية وهو ينخفض بنسبة 5.4 بالمائة في العام المالي 2016/ 2017، تقريبًا ضعف سرعة التخفيض السنوي الأكبر الذي تم تسجيله في البرلمان الأخير. بعد تحقيق الهدف، من المتوقع بعد ذلك أن يرتفع الإنفاق في العام المالي 2019/2020 بنسبة 4%. وبما أن الأجور هي جزء كبير من إنفاق القطاع العام، فهذا يعني أن الوزارات ستقوم بتسريحات كبيرة للموظفين لتقوم بالتعيين بعد عام أو أكثر فيما بعد. بالطبع، لا يوجد أي وزير عاقل قد يقوم فعلًا بتنفيذ سياسة كهذه. وبحلول الوقت الذي يبدأ فيه تنفيذ خطط الإنفاق، سيكون توازن الميزانية للعام الذي يجب تحقيقه قد انتقل من العام المالي 2017/ 2018 إلى 2018/ 2019، الأمر الذي يُغيِّر حوافز السياسة. وهذا مثال أساسي على ما يمكن تسميته تناقض الوقت للسياسة المالية - هناك حافز لدى الحكومة يجعلها تقول إنها ستقوم بأمر واحد، من أجل تحقيق قواعدها، لكن بعد ذلك بوقتٍ قصيرٍ ستقوم بأمر آخر. افتراض سياسة خط الأساس الأكثر معقولية قد يكون قائمًا على أن الحكومة ستقوم بتمهيد التخفيضات على مدى أربعة أعوام.. وهذا قد يترك الحكومة مع نفس الفائض في نهاية فترة التوقعات وفي نفس الوقت القضاء على دوامة الإنفاق العام.. ومع ذلك، هذا ربما من شأنه أن يعني أن الحكومة ستقوم بالاقتراض أكثر على طول الطريق - ربما 10 مليارات جنيه في العام المقبل، و20 مليار جنيه في كل من العام المالي 2017/ 2108 و2018/ 2019. وسيظل هناك ضغط أكبر على الإنفاق العام في الدورة البرلمانية القادمة يفوق ما كان في الدورة السابقة، لكنه سيتحقق على الأرجح بصورة أبطأ مما تتصور الخطة الحالية. ويبدو أن هذه النظر تتأيد بالمشاركين في السوق المالية. مثل هذا الضغط الكبير وغير المتوازن في المالية العامة من شأنه أن يتطلب نشاطًا أكبر في السياسة النقدية من أجل تثبيت الاستقرار في الطلب. وليس هناك الآن ما يشير إلى هذا.. هو ما يتوقعه المحللون.