"أتمنى لو مرة وحدة! أعصب ألقى أحد يضمني ويقول لي: هدي! هدي حبيبي! ما في شيء يسوى! ... ما غير أشوت المراكي وأسمع: خلوه! خلوه! مريض جته جنيته". هذه الطرفة تناقش جانبين مهمين في حياتنا، أولهما: جفاف العلاقة بين الآباء والأبناء في مجتمعنا، فعدد لا يستهان به من الآباء والأمهات يتعاملون مع أبنائهم بطريقة ليست صارمة ولكن لا مبالية! فهو لا يعرف مشاكلهم ولا احتياجاتهم الحقيقية، بل حتى ولا يعرف بأي صف يدرسون ولا مع من يمشون!. وإذا وقع الفأس في الرأس بدأنا بالصراخ والتساؤل: لماذا يلقي بعض الأبناء - ومنهم بنات وللأسف - نفسه بسهولة بين أيدي رفقاء السوء؟ ولماذا البعض صامت في البيت متحدث في الخارج؟ ولماذا يبحث البعض عن حل مشاكله خارج بيته ليقع بين يدي من يستغل معاناته ويتلاعب به؟!. يجب أن يعلم كل أب أن أعظم مشروع استثماري في حياته هو استثماره في أبنائه، ولذلك فإن كل دقيقة يصرفها من أجل هؤلاء الأبناء لن تضيع هباءً، بل ستكون ذات مردود مضمون في وقت أحوج ما يكون فيه لجني الأرباح!. وحتى الناجحون يجب أن يعلموا أن نجاحهم في بيوتهم هو الأساس، ومن بعده تأتي وسائل النجاح الأخرى!. الجانب الثاني الذي تسلط عليه الطرفة الضوء: حضور الجنية في حياتنا! فكل من يقوم بتصرفات غريبة تدل على سوء الخلق يقول: "أنا فيني جنية" بل وتجد من يبرر له ويقول: "اتركوه جته جنيته"! وكل من ابتلي أحد أبنائهم بمرض نفسي أول ما يتهمون الأخوة الجن بإصابته، حتى أصبح الجن يتحملون ما لا يمكن أن يتحمله بنو البشر من ظلم وتعدٍ واتهامات باطلة!. طبعاً حضور الجن المبالغ فيه يتبعه رواج سوق المتاجرين بالرقية والمتلاعبين بمعاناة المرضى.. والأطباء النفسيون بأسعارهم المبالغ فيها، وتطبيقهم لكل ما يأتي من الغرب والشرق بلا مراعاة لظروف مجتمعنا وتقاليده ليسوا بعيدين عن ذلك! ولو أعاد الآباء ترتيب علاقتهم بأبنائهم لما احتاجوا لراقٍ ولا لطبيب!. أيها الآباء! أيتها الأمهات! باختصار: العلاقة السليمة في البيت والقرب من الأبناء والعمل على الرقي بهم إيمانياً وفكرياً وتربوياً، ستحقق لنا ولأبنائنا الكثير وتقيهم من الكثير، وتحمي أيضاً مجتمعنا من الكثير!.