أطلقت ادارة جمعية الثقافة والفنون في الدمام اسم الشاعر محمد العلي على المنتدى الثقافي، ليكون المسمى "منتدى محمد العلي الثقافي" تقديرا وعرفانا لقامة أدبية وثقافية أثرى من خلالها الشعر والأدب منذ الستينات راعياً وحامياً للحداثة، وحضوره في المشهد العربي والسعودي، بين الشعر والفكر والصحافة. جاء ذلك في ختام مهرجان بيت الشعر مساء أمس الاول والمقام بجمعية الثقافة والفنون بالدمام وضم 13 شاعرا من الوطن العربي. وشارك في الأمسية الشعرية الختامية الشاعر محمد الحرز وصالح زمانان من السعودية وفيديل سبيتي من لبنان وهاني نديم من سوريا ومحمد النبهان من الكويت، وكان الاستهلال بعرض مسرحية "بارانويا" من انتاج استديو الممثل بالجمعية، وهي من إخراج ياسر الحسن وتمثيل حسن العلي وتأليف عباس الحايك الذي أوضح أن المسرحية "تتناول فكرة التراتبية في الوظيفة أو المجتمع، ما يشكل هاجسا كبيرا لدى البعض لدرجة تحولها الى قلق يومي، حيث العلاقة الملتبسة بين الموظف ورئيسه أو بين أي طرفين ضمن هذه التراتبية أو الطبقية، فالشخصية تعاني من علاقة مرتبكة مع رئيسها في العمل، فتدخلنا في عوالمها لنكتشف كل مشكلاتها النفسية التي تراكمت بفعل علاقتها برئيسها". لتنطلق بعدها جولات الشعر والتي استهلها الشاعر محمد الحرز والذي صدر له 12 كتابا ما بين الشعر والنقد، وشارك في الكثير من الأمسيات الشعرية والنقدية في المملكة والخليج والوطن العربي، وكتب عنه أنه "المركوز في الفتنة وفي غشية الكلمات التي تنحلّ أواصر علاقتها المرجعيّة فتشفّ فيطيبُ لها سُكنَى المراكب العائمة الغائمة، لا يضمّها مرفأ ولا تئوبُ من أبديّةِ التّرحال. كأنّ التيهَ قدرُها لا تؤجّله؛ تندفعُ إليه رحماً يحضنها ويحميها". وقرأ الحرز عدة نصوص كان منها "قفزتك" وجاء فيها: أترقب قفزتك، المضمار مهيأ، والمشجعون ملأى المدرجات، أترقب ما لا يشار إليه، إلا بعد فوات الأوان، أترقب ما يهمله النمل في حياته وما لا يهمله، أترقب ما تقوله الصخرة في رأس الجبل، لأختها الأخرى، أسفل الوادي، وما لا تقوله أيضا، أترقب الذي يأتي، وظل زوجتي غائب، عن المنزل. بعدها شارك الشاعر فيديل سبيتي الذي كان واضحا عليه حرصه على القلق وعلى استدامتِه، وكأنّه بهذا ينجو من الحالة العامة السائدة المنقوعة في الثباتِ والمستمرّة في إنتاج تشابُهِها، ليجعل هذا القلق حصنَهُ الذي يتمترسُ فيه خلفَ عزلتِهِ أو فرديّتِهُ التي لا تعني الأنانيّة بقدر ما تعني حريّتَهُ، حيث عمل فيديك في الإعلام والكتابة، وقدم عدة برامج تلفزيونية، وأصدر أربعة اصدارات، وكانت من مشاركته: ماذا لو بنى نسران وكرهما فوق رأسي ثم تصارعا، لمن هذا الوكر، ثم استيقظت، وكانت عيني أكبر من عيني، وانقض الحاجب على الحاجب مدافعا عن العين التي تحته، وصار وجهي نصفين: نصف بعينين وحاجبين، والآخر ممسوح احتله النسر الآخر، واعتلت الشجرة كتفي طاردة الملاك. وبقصيدة طازجة يذهب الشاعر السوري هاني نديم للشعر متأهباً على جسد الأغاني حيناً، وحيناً يذهب للسؤال الفلسفي محملاً بالشجن وبالأسئلة التي لا تفتأ تبحث عن مكامن الألم، ومنابت الحسرة، حيث عمل نديم في الصحافة منذ اوائل التسعينيات الميلادية وشارك في العديد من المهرجانات العربية والعالمية، وكانت أشعاره التي قرأها في الأمسية تلامس الوطن والألم والروح وجاء فيها: تدبّرنا أمر البرد، وحفظنا القصائد والأغنيات، تدبّرنا شأنَ المال، وامتهنّا الاقتراض، تدبّرنا الفرحَ الفائض وأحببنا امرأة، تدبّرنا - رغم تزاحم الخذلان - سماءً تظلّنا، وتدبّرنا * على رمالٍ متحركة - أرضاً تقلّنا. قصيدة حب بعدها شارك الشاعر محمد النبهان صاحب الستة إصدارات شعرية الذي وُصف على أنه نبتةٌ مقلوعةٌ كُتِبَ عليها خصامُ الجذور والترحّلُ في كتاب الجغرافيا؛ تكرّ صفحاتُهُ بالمنافي وعذابِ غريبٍ تدحرُهُ طوابيرُ الجوازات وتسلمُهُ المطارات إلى أرصفة الوحشة، يدوّن على حجارتها فصولَ حكايته عن بيتٍ لا بيتَ فيه. يكتبُ جملتَهُ الناقصة أبداً، تحرسُهُ فراشةَ الحنين التي تكبُرُ في التجاعيد، وكانت مشاركته بعدد من القصائد منها "قصيدة حب" التي قال فيها: حين كنّا نعدّ النجوم، ونحاول أن نتذكّر أشكالها وأسماءها، ودلالات المسافرين، وقاموس الموتى، كانت ترسم وجوهاً مرعبةً على رمل الشاطئ، تذروها وتضحك، تضحك، تبدّد معجم الكلمات بهلوسة التراب، لكننا، حين وقفنا، نسند بعضنا في الريح، سرقت حصيرتنا، وارتدتها كجناحين، ركضت كثيراً، واحتضنت شجرة!. عطش المياه أما صاحب الكتابة ذات القوام البسيط القريبة الدانية التي تمسّ القلب وتصافح الوجدان الشاعر صالح زمانان، الذي صدر له 5 اصدارات شعرية، و6 مسرحيات، وشارك في العديد من المهرجانات الشعرية والمسرحية، قرأ "عطش المياه" وجاء فيها: كلما نظرتُ لنافورةٍ، شعرتُ بالغُصَّةِ، مسكينٌ هذا الماء، أبديُّ الملل! لكني أشعر بالاختناقِ، كلما نظرتُ إلى الوادي، مسكينٌ هذا النهرُ، وُلد مستلقياً على ظهرِهِ، وبعد رحلتِهِ الطويلةِ، سيفجعه الملح!. توقيع إصدارات ووقع في ختام المهرجان الشعراء محمد النبهان "حكاية الرجل العجوز" و"امرأة من أقصى المدينة"، فيما الشاعر محمد الحرز وقع "أحمل مسدسي" و""قصيدة مضيئة"، وعبدالله المحسن "يترجل عن ظهره"، ووقع الشاعر أحمد الملا كتابه "علامة فارقة". يذكر أن مهرجان بيت الشعر سعى إلى تقديم صورة جديدة للشعر على المستوى البصري والحسي، بتداخل المسرح فيه، مع الموسيقى، والفنون التشكيلية، وعروض الأفلام، متجاوزا أسلوب الإلقاء، أو الخطابة الكلاسيكية. .. ويكرم محمد النبهان محمد الحرز هاني نديم صالح زمانان حسن العلي في مسرحية «بارانويا»