عاصفة الحزم مستمرة وتحقق نتائج إيجابية في كل المسارات التي كانت هدفاً أساسياً لانطلاقتها سياسياً وعسكرياً، ويكفي لقياس النتائج الأولية التمعن في حجم التأييد الدولي لهذه الحرب التي تشن ضد التمرد والإرهاب، فالجماعة الحوثية تمثل ظاهرة انتهازية استغلت ضعف المؤسسة الحاكمة للنمو والتمدد والتخابر مع الغير، وهذا الضعف لا يلحق بالدولة في عهد الرئيس الحالي عبدربه هادي الذي استلم البلاد في حالة ضعف في مؤسساتها وفي بنيتها فذلك كان امتدادا لعهد الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح والذي لم يكن صالحاً أبداً لا للحكم ولا للممارسة السياسية إثر ما يشاهد ويرصد في اليمن عن مستويات النمو والمعيشة فيه رغم كل المعونات العالمية المقدمة ورغم ما بذلته دول الخليج من عطاء وتنمية وتحديداً السعودية التي خصصت مجلساً واسعاً للتنسيق والتنمية في اليمن، ولكن يبدو أن الرئيس صالح قد دشن باباً خلفياً لخروج المساعدات وترك اليمن وأهله في حالة من العوز وملامح الفقر وغياب التنمية لذلك هاجر اليمنيون إلى كل أصقاع العالم فقد سرقت مواردهم ووظفت تنميتهم لغير ما خصصت له وغدت البلاد عرضة للقوى الانتهازية وجيوب التمرد والتطرف مستغلة الفراغ الكبير للسلطة على كل الأراضي، حيث انشغلت الرئاسة بالسرقة وبيع المواقف دون شعور أو ممارسة للدور والضمير العربي فمن يدفع أكثر يجد الرئيس علي عبدالله صالح مؤيداً له تماماً كما فعل حال احتلال العراق للكويت عام 1990م، فقد مارس الابتزاز العلني لدول الخليج والصد عنها وكرس ذلك بالمزيد من الممارسات والمواقف دافعاً بالبلاد نحو الفوضى ومتيحاً المجال لنشوء الميليشيات والتطرف، بل سمح للبلاد أن تكون دكاكين لمزاجات إقليمية تستغل اليمن للتخريب والتمذهب والتطرف، لذلك فالظاهرة الحوثية ليست بدعاً وليست كائناً غريباً حل فجأة، بل هي نتاج فراغ سياسي وأمني كبيرين وممتد منذ قيام ثورة 26 سبتمبر التي أتت بصالح وجماعته لسدة الحكم دون أن يضيفوا لليمن ما يمكن رصده من مظاهر التنمية والتقدم، بل سلبوا من اليمن السعيد سعادته ووظفوا المقيال اليومي لتعاطي القات للتخدير الواسع لكل اليمن. عموماً عاصفة الحزم هي بمثابة عملية جراحية كبرى لقلب اليمن المنهك والمثقل بالهموم والمتاعب ليعقبها تصحيح جاد لمسار اللعبة السياسية فيه بمشاركة كل الأطراف والقوى المعنية في الطيف اليمني لتصبح الممارسة السياسية أكثر نضجاً وبأيد أمينة تسترعي مصلحة اليمن وتحافظ على كيانه دون مواربة أو استغلال لنفوذ بل يفترض أن يتحمل الجميع المسئولية التاريخية تجاه بلدهم بنزع فتيل الحرب والتنازع والالتفاف حول المؤسسة الرئاسية التي أنتجتها المبادرة الخليجية والتي لا تهدف إلا لصالح اليمن وأهله، ولكن من لا يرغب في الخير والصلاح يظل ديدنه إشعال الفتن والتكسب منها، لذلك جاء الحزم هذه المرة في شكل عاصفة ستعيد الأمور لمجرياتها الطبيعية.