التغييرات التي نعيشها يومياً صارت متسارعة جداً حتى اننا لم نعد نستطيع اللحاق بها ولكن لا يصح أبداً أن نتجاهلها، بل نتفحصها للتعرف على سطوة أثرها علينا؛ لأنه أثر لا يستهان به، بعضه جميل جداً ويستحق الإشادة بالفائدة التي يقدمها للآخرين، وبعضها سيئ جداً قد لا تترك أثرها على الكبار ولكن المؤكد أنها تؤثر على الصغار سلباً وصرنا نرى آثاره تنتشر بطريقة غير لائقة. مؤخراً عقد في دبي مؤتمر قمة رواد التواصل الاجتماعي العرب لعرض تجارب نجاحاتهم وأدوارهم المؤثرة وتكريم عدد منهم. معظمهم كانوا من الشخصيات الناجحة والمؤثرة قبل بروز هذا الدور المؤثر ل (السوشال ميديا) وكنت أتمنى لو كان هناك استعراض للتجارب السيئة التي تؤثر سلباً بشكل سريع جداً، وهو أمر فطن له كثير من الكبار وغاب عن بعضهم ممن ليس لديهم وعي واضح فهم من الكبار الذين لا تكبر رؤاهم وأفكارهم وتطلعاتهم، وتبقى اهتماماتهم سطحية وتافهة إلى حد كبير. ماجد الصباح أحد الشخصيات المؤثرة بشكل جميل ومفيد لمتابعيه الذين فاجأهم من أسبوع تقريباً وطلب منهم أن يبدوا رأيهم فيما يرونه من مشاهير (السوشال ميديا) وعرض لنا مشكوراً كل الفيديوهات التي تلقاها وكان معظمهم قد انتقد بشدة ما يعرض في snapchat أو istagram. وأكثر ما يعنيني في تلك الآراء أنها تعلن بوضوح ما كانت وسائل الإعلام تروج له من أن كل التفاهات التي يعرضونها هي مطلب جماهيري وبهذا يزداد الناس غرقاً في التفاهات. بحجة أن قنوات التواصل الخاصة يعرض فيها الشخص يومياته ولا شأن للآخرين أن يوافقوا أو يرفضوا، نعم معهم حق في ذلك لو كان الأمر مجرد يوميات عادية كما يفعل الناس جميعاً من غير المشاهير. ويقول بعض المشاهير إن هذه القنوات ليست مجالاً لتقديم الفائدة الثقافية أو غيرها، ومعهم الحق في ذلك أيضاً ولكن هذا لا يعني أن تكون حساباتهم في تلك البرامج تقدم الخطأ على طبق من الضحكات أو المغريات التي تجذب كل فاقد للوعي وغير النُّضَّج من الناس كبيرهم وصغيرهم. وسأضرب مثالاً بفتيات الاعلان في تلك القنوات، فقد تابعت بعضهن لأرى كيف وماذا يقدمن؟ فوجدت لديهن كماً هائلاً من التفاهة والسلوكيات الخاطئة التي لن أتفاجأ لو رأيتها شائعة جداً بين الناس وكأنها ضمن منظومة الأخلاق العامة التي نتعارف عليها، كما انتشر غيرها من الضرر دون أن نتعامل معه بشكل ايجابي. كلنا نعرف أن فتاة الاعلان التي نراها في التلفزيون أو نسمع صوتها في الاذاعات هي مجرد فتاة جميلة لا نعرف عنها غير شكلها والعبارات التي تحفظها عن المنتج الذي تعلن له. لكن فتاة الاعلان اليوم في وسائل التواصل الاجتماعي تظهر كل مالديها من جمال ومن سطحية في التفكير، والاسوأ انها تسوق لذلك بطريقة مباشرة وغير مباشرة فهي اليوم تروج للفكر الاستهلاكي والانتهازي السيئ والأساليب الملتوية في التعامل مع الناس لدرجة أن بعضهن تعلن عن منتج ما وما أن تعود إلى مكانها حتى تناقض ما قالته سابقاً عن ذلك المنتج أو المعروض الذي أعلنت عنه فهي تتعامل مع الموضوع بشكل غير جاد، نكتشف من ورائه أن هدفها هو المال فقط، ولا مانع في ذلك فهذا عمل تجني منه رزقها ولكن أين المهنية فيما تقدم قبل وأثناء وبعد؟ فهناك كثير من هشاشة الفكر ووقاحة اللفظ والحركة التي سرعان ما يتلقاها الصغار وضعاف الوعي وتصبح جزءا من تصرفاتهم وتصبح موضة كحركة إخراج اللسان أمام الآخرين!! رحم الله جدتي التي كانت تنهى عن هذا التصرف وتقول: لا تدلع لسانك. ولم تكن تعلم بأن قلة التهذيب ستصبح موضة وعلامة (للكولنه) نعم هذا ما تفعله فتاة اعلان عشرينية في snapshat بشكل شبه يومي!! وليت الأمر يتوقف عند هذا الحد فهن لا يقبلن أي انتقاد من أي شخص ومن هنا سمعنا منهن عبارة: (ليش تتابعوني) لأنهن يعتبرن أي انتقاد هو غيرة أو وقاحة من الآخرين وتدخلا في شؤونهن، ومعهن حق في هذا إلى حد ما، حين ينتقد الناس أشكالهن فقط أو انتقادات تافهة أخرى ويتلفظون بألفاظ وقحة ضدهن، ولكن الأمر أكبر بكثير من تلك التفاهات ويستحق فعلاً أن يواجه بكثير من الأفكار التي تعلن الرفض لهذا الجانب السلبي للسوشال ميديا. * عضو هيئة التدريس بجامعة الدمام