بين يدي صور وأمثلة على حب القراءة، ومدى شغف عشاقها بها، هذه الصور قد تستفز البعض ليقول عنها إنها أقرب للخيال والأحلام من الواقع، وقد تحمل بعضنا ليقول: إنها حالات فردية لا أقل ولا أكثر، وآخرون سيرونها قديمة من "أيام الطيبين"! من عوامل دفع الناس وجذبهم إلى القراءة، وربما يفتح شهيتهم لالتهامها؛ التعرف على أحوال "القارئين" من السلف والخلف، كيف يتعاملون مع الكتاب وكيف ينظرون إليه! كان ابن المبارك يُكثر الجلوس في بيته، فقيل له ألا تستوحش؟ فقال: كيف أستوحشُ وأنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، يقصد القراءة في الكتب! وقال ابن الجوزي: وإني أخبر عن حالي: ما أشبع من مطالعة الكتب وإذا رأيت كتاباً لم أره فكأني وقعت على كنز!! "الجاحظ" هو الآخر من "عشاق" القراءة، فهام حباً بالكتب والعلوم، حتى روي عنه إنه لم يقع بيده كتاب قط إلا استوفى قراءته كائنًا ما كان، حتى إنه كان يكتري دكاكين الورّاقين، ويبيتُ فيها للقراءة والمطالعة. وهذا الفقيه أحمد بن محمد بن الرفعة كان يمشي والكتاب في يده، وربما انكب على وجهه وهو يقرأ!!، ويقول الجاحظ: سمعت الحسن اللؤلؤ الكوفي صاحب أبي حنيفة، يقول: مكثت أربعين عاما ما قِلتُ ولا بِتُّ ولا اتكأتُ إلا والكتاب موضوع على صدري!! ومن المعاصرين، الشيخ الأديب علي الطنطاوي يقول: فأنا اليوم، وأنا بالأمس، كما كنت في الصغر، أمضي يومي أكثره في الدار أقرأ، وربما مر علي يوم أقرأ فيه ثلاثمائة صفحة، ومعدّل قراءتي مئة صفحة من سنة1340 إلى سنة 1402ه. هل رأيتم حباً للقراءة كهذا الحب؟ وحرصاً عليها كهذا الحرص؟ الأمثلة والصور السابقة حزينة حينما نعرضها على واقعنا، فنحن اليوم نركز اهتماماتنا ونمضي جل أوقاتنا لكن ليس مع القراءة، بل في مجالات أخرى، خذ مثلاً المباريات، بعض الشباب يتابع مباراتين وأكثر أي يمضي جلسة ثلاث إلى خمس ساعات!! نتابع مسلسلات تمتد لعشرات الحلقات بشكل ثابت ومنتظم! نمكث ساعات على الجوال كدردشة واتسابية وألعاب جماعية وفردية!! وفي النهاية نخرج بلا فائدة!! لو صرفنا "عُشْر" هذه الاهتمامات والأوقات "المهدرة" في القراءة، فكيف ستكون النتائج؟ قيل لأبي البندري: الكتاب الورقي بات موضة قديمة، وحضوره تضاءل في عصر النت، فقال -غفر الله له- المهم في النهاية أن تقرأ، وأن تعتاد القراءة حتى لو عبر النت، أو صفحتك التويترية أو الفيسبوكية، فالكتب والمكتبات والموضوعات موجودة في جوالك، أو كمبيوترك أينما حللت ورحلت!! تغريدة.. أول آية نزلت «اقرأ باسم ربك الذي خلق».. فكنا أمة اقرأ بلا منازع، أليس من العيب أن أمة اقرأ لا تقرأ؟!! ولكم تحياتي مهتم بالشأن الثقافي والاجتماعي