في الخطاب الملكي الكريم يوم الثلاثاء الماضي رسالة موجهة لكل مواطن هنا في المملكة ولكل متابع للشأن السعودي في أنحاء العالم دولاً ومؤسسات، فهو الخطاب الأول لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز منذ توليه -حفظه الله- لسدة الحكم، وقد سبقته جملة مضامين عمل ألمحت للمسار السامي ومحاوره التي تستحضر شخصية الوطن وقيمه ومنهجه وتؤكد الترسيخ الشامل لهذه القيم والالتزام التام بها، كما انطلقت في يومها الأول في عهد المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- لتكون دولة سلام ومحبة تحكم شرع الله وتعمل به في كل مفاصلها وعبر كل مراحلها، فلا تنحاز إلا للحق ولا تعمل إلا به دون محاباة أو تفريط، وهذا ما يهب المتابع الثقة في سلامة النهج ومتانته التي ترسخت وتنامت بالقدر الذي جعل لبلادنا من المكانة والقدر ما يفرض على المتعاملين معها احترام هذا النهج، الذي غدا شعار كل مواطن يفتخر به ويمارسه كسمة تميز مواطن هذا البلد، فالملك سلمان استند في خطابه الكريم على هذه المقومات "شرع الله أولاً والثقة المتبادلة بين المواطن وقيادته"، فتلك هي مسلمات العمل والمواجهة لكل الظروف لضمان وحدة الوطن وسلامة أمنه واستمرارية رخائه، فقد استعرض الخطاب عبر هذه المنطلقات الحديث في كل المفاصل والجوانب التي تهم المواطن أولاً، وتضمن له الكرامة والحقوق والعدالة والمساواة والسمو بروح العمل بعيداً عن أي فرز أو تصنيف للمواطنين وللمناطق، ثم كانت رسالته للعالم باسم كل مواطن، وهي أن المملكة تستوعب مجريات الأحداث العالمية والإقليمية المحيطة سواء كانت سياسية أو اقتصادية، وتعرف دورها ومكانتها في كل هذه القضايا وتمارس تجاهها ما ينبغي فعله بمنطلق الأمانة تجاه الأمة وعموم الإنسانية، والتعاون مع العالم؛ من أجل صيانة المجتمعات ونبذ التطرف والفكر الانتهازي وبواعثه التي تجافي حقيقة الفكر الإسلامي الحنيف والذي هو منهج هذه البلاد ودستورها، فالملك المفدى من موقعه كرجل دولة عريق في الفهم والتعاطي مع مؤسسة الحكم والنهل من منابعها يدرك حقيقة ما تواجهه المملكة، ويعمل بثقة العارف على التعامل مع هذه الظروف، مستمداً العون من الله أولاً، ثم ثقة المواطن وحرصه على سلامة الوطن وحياضه، بل ويحفز -حفظه الله- الجميع للقيام بدورهم تجاه هذه المهمة، فهم محور العمل وهدفه، كما أكد في أساسيات الخطاب أنه قد أكد على أمراء المناطق تمتين التواصل مع المواطنين واستقبال أفكار العمل والتطوير منهم. وحقيقة، كان الخطاب الملكي السامي وثيقة تاريخية، ويبقى هنا دور المواطن والمسؤول كل في موقعه للعمل بمضمون الخطاب والتوافق معه فكراً وعملاً تحقيقاً لما فيه صالح الجميع.