بعد أيام من تسرب أنباء عن رغبة حركة طالبان الأفغانية الدخول في محادثات لإنهاء الحرب الطويلة في أفغانستان زار كبار ممثلي الحركة المتشددة إسلام آباد لإجراء محادثات سرية لمناقشة الخطوة التالية. وغادروا وهم يحملون رسالة واضحة من باكستان مفادها أن طالبان يجب أن تنهي خلافا بين اثنين من كبار قادتها وإلا قد لا تنطلق المحادثات أبدا. كان التحذير تذكرة بمدى صعوبة جمع المتمردين والحكومة الأفغانية حول طاولة واحدة ناهيك عن صعوبة الاتفاق على السلام الدائم حتى بمساعدة باكستان التي أيدت طالبان في السابق ولا تزال تتمتع بنفوذ سياسي عليها. والزعيمان الكبيران في طالبان هما الزعيم السياسي أختار محمد منصور الذي يفضل التفاوض والقائد الميداني عبد القيوم ذاكر المحتجز السابق في معتقل خليج غوانتانامو الذي يعارض المحادثات مع كابول. ومنصور وذاكر خصمان منذ أمد بعيد وقالت مصادر في طالبان إنهما اجتمعا في الآونة الأخيرة لحل خلافاتهما الشخصية وذبحا خروفا احتفالا بهذه المناسبة. لكن المصادر قالت إن منصور لم يتمكن من إقناع ذاكر بالتراجع عن معارضته لإجراء محادثات مباشرة مع كابول والتي يرى أنها "مضيعة للوقت" لأن الولاياتالمتحدة هي التي تمسك فعليا بزمام الأمور في أفغانستان. ولا تزال عقبات كثيرة في طريق السلام. ويراود الجانبين شك عميق ومن المتوقع أن تطالب حركة طالبان بالانسحاب الفوري للقوات الأجنبية المتبقية في البلاد وهو طلب سيرفضه بالقطع الرئيس الأفغاني أشرف عبد الغني. ومع ذلك قالت عدة مصادر من طالبان في أفغانستان فضلا عن كبار المسؤولين الباكستانيين والأفغان إن العملية تتحرك على الأقل. وقال الجيش الباكستاني هذا الأسبوع إن الممثل الأمريكي الخاص لأفغانستانوباكستان دانيال فيلدمان قام بزيارة مفاجئة لإسلام آباد لبحث إمكانية إجراء محادثات. وقال قياديان في طالبان ومسؤولان باكستانيان كبيران إن وفدا برئاسة قاري دين محمد حنيف من المكتب السياسي لحركة طالبان بدولة قطر اجتمع مع قادة من الجيش الباكستاني ودبلوماسيين صينيين في إسلام آباد في آواخر فبراير. وقال قياديان كبيران من المتمردين على دراية مباشرة بزيارة وفد طالبان لإسلام آباد إن المجموعة سافرت بعد ذلك إلى مدينة كويتا في جنوب غرب باكستان حيث يتوارى كثيرون من قادة طالبان لإطلاعهم على المناقشات الأولية. وفي اتصال هاتفي قال أحد قادة طالبان «قالوا إن المسؤولين الباكستانيين نصحوهم بحل الخلافات الداخلية قبل بدء محادثات رسمية مع كابول». وبعض الخبراء أكثر تفاؤلا إزاء احراز تقدم هذه المرة بسبب التهديد الباكستاني باعتقال أو طرد قادة طالبان ما لم يتفاوضوا مع مع كابول. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى إجبار حركة طالبان الأفغانية إلى قطع علاقاتها بتنظيم القاعدة وحركة طالبان الباكستانية المنفصلة. وفي مقابل الدعم الباكستاني للمحادثات استهدفت أفغانستان معاقل طالبان الباكستانية في إقليم كونار شرق البلاد قرب الحدود مع باكستان في مؤشر على تحسن العلاقات بعد تولي عبد الغني للسلطة. وقال سيف الله محسود رئيس مركز بحوث المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية ومقره إسلام آباد «ما زلنا في وقت مبكر لكن المؤشرات جيدة». وقال مسؤول باكستاني كبير على دراية مباشرة بالعملية إن التطور الآخر الجديد هو عزم طالبان على الشروع في المحادثات من دون شروط مسبقة.