أعلنت بعثة الأممالمتحدة لحفظ السلام في مالي مقتل مدنيين وأحد عناصرها في هجوم بالصواريخ شنه مقاتلون على أحد المعسكرات التابعة لها في كيدال في شمال مالي. وأفاد بيان للبعثة بأن "التقديرات الأولية كشفت عن مقتل جندي في بعثة الأممالمتحدة لحفظ السلام في مالي، وإصابة ثمانية جنود آخرين. واستهدفت الصواريخ مواطني كيدال خارج المعسكر، وأُحصي قتيلان وأربعة جرحى". جاء هجوم الأمس بعد يومين من اعتداء استهدف أوروبيين في مطعم وأودى بحياة اثنين منهم، وثلاثة ماليين وتبنته جماعة "المرابطون" الإرهابية، وهو الاول من نوعه في عاصمة مالي، بحسب خبراء في شؤون منطقة الساحل الافريقي. وقال شاهد ومصادر أمنية: إن مهاجمين مجهولين أطلقوا عشرات الصواريخ صوب قاعدة للأمم المتحدة على مشارف بلدة كيدال شمال مالي فجر أمس، مما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل. وذكر أنه أحصى أكثر من 40 قذيفة أطلقت صوب القاعدة. وأضاف: إن قذيفة واحدة على الأقل سقطت على معسكر قريب للطوارق فقتلت شخصين وأصابت عدة أطفال. وقالت مصادر أمنية: إن أحد أفراد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة قتل وأصيب آخرون في الهجوم الذي وقع قبل فجر أمس بقليل. وإن قوات الأممالمتحدة والقوات الفرنسية داخل قاعدة كيدال ردت على اطلاق النار قبل أن يسود الهدوء المنطقة. وكيدال هي معقل حركة التمرد التي يهيمن عليها الطوارق في شمال شرق البلاد. ويتزعم الجزائري مختار بلمختار جماعة المرابطين التي تبنت في تسجيل صوتي عملية المطعم، وتبنى متحدث باسم الجماعة في التسجيل عمليات اخرى من بينها محاولة اغتيال الجنرال محمد عبدالرحمن ولد ميدو في 26 كانون الثاني/يناير؛ "لتورطه في حرب" ضد المسلحين. وولد ميدو هو ضابط عربي ظل في الجيش المالي في أزمة 2012. وقتل في عملية المطعم بلجيكي وفرنسي، وأعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ان الفرنسي القتيل يدعى فابيان غيومار (30 عاما)، وكان يقيم في باماكو منذ 2007، حيث يعمل لحساب شركة اميركية متخصصة في بناء الشقق الفاخرة، بحسب ما اوضح صديق له لوكالة فرانس برس تعرف على جثته. أما البلجيكي فكان عسكريا سابقا مسؤولا عن الامن في بعثة الاتحاد الاوروبي في مالي وأب لولدين، وفق مصدر دبلوماسي. كما أصيب في عملية المطعم أوروبيون آخرون بينهم عسكريان سويسريان جراحهما خطرة، وتم إرسالهما الى دكار عاصمة السنغال بعد اجراء عملية جراحية لهما في العاصمة المالية باماكو، حسب ما اعلن الجيش السويسري. وكان هذان الرجلان الخبيران في الاسلحة واللذان عملا كمستشارين للجيش المالي في اطار المساعدة الدولية، يتناولان العشاء مع عسكري سويسري ثالث في هذه المطعم الذي يرتاده الاجانب، وكانوا باللباس المدني.وأضاف: إنهما خضعا أولا لعملية جراحية من قبل اطباء تابعين للامم المتحدة في باماكو، ثم نقلا الى دكار في السنغال، ويجري الجيش اتصالات مع اجهزة الاسعاف الجوية السويسرية لنقلهما الى سويسرا عندما تستقر حالتهما "بشكل تام"، حسب ما اعلنت متحدثة باسم قسم المساعدات الخارجية في الجيش السويسري لوكالة الانباء السويسرية "اتس". اما العسكري السويسري الذي كان في المطعم فلم يصب وسوف يبقى في مالي. وقال رئيس الوزراء المالي موديبو كيتا اثر اجتماع لمجلس الدفاع ترأسه الرئيس ابراهيم بوبكر كيتا: "على الماليين ان يفهموا ان لا شيء يتقدم على السلام". ودعا رئيس الوزراء الى التركيز على المرحلة الحاسمة التي تشهدها المفاوضات بين باماكو والمتمردين في شمال البلاد، الذين يتعرضون لضغوط دولية كثيفة لتوقيع اتفاق سلام بالأحرف الاولى قبل نهاية اذار/مارس، على غرار ما قامت به الحكومة في اول اذار/مارس في الجزائر. وتفقد الرئيس المالي ورئيس الوزراء مكان الهجوم على المطعم. وفي نيويورك، ندد مجلس الامن الدولي بالاعتداء "الارهابي"، ودعا في بيان السبت الحكومة المالية الى "التحقيق سريعا حول هذا الهجوم واحالة منفذيه الى القضاء". وقال المجلس: ان "المسؤولين عن هذا الهجوم يجب ان يحاسبوا"، موضحا ان المدنيين القتلى كانوا يعملون في دائرة نزع الالغام في الاممالمتحدة وفي البعثة الاممية في مالي والاتحاد الاوروبي، وشدد على "ضرورة التصدي بكل السبل ووفق ميثاق الاممالمتحدة للتهديد الذي تشكله الاعمال الارهابية على السلم والامن الدوليين". ونددت بعثة الاممالمتحدة التي تنشر نحو عشرة آلاف جندي وشرطي في مالي ب"هجوم مشين وجبان"، وأعلنت انها "وضعت في تصرف السلطات المالية محققين وخبراء". يذكر ان شمال مالي سقط في 2012 تحت سيطرة المسلحين المرتبطين بالقاعدة، لكن عملية سرفال التي اطلقتها فرنسا مطلع 2013 أدت الى طردهم، وحلت عملية برخان، ويغطي مجال تحركها مجمل منطقة الساحل والصحراء، مكان سرفال في اب/اغسطس 2014، ولا تزال مناطق بكاملها في شمال البلاد خارج سيطرة السلطات المركزية، لكن الهجمات الجهادية التي تصاعدت وتيرتها منذ الصيف وخصوصا ضد البعثة الاممية عادت وتراجعت. والخميس، قال المتحدث باسم هيئة اركان الجيوش الفرنسية الكولونيل جيل جارون: ان القوات الفرنسية لاحظت اخيرا "بعض الجمود" من جانب المجموعات الجهادية. وأعلنت باريس ان سفارة فرنسا "شكلت خلية ازمة وحذرت الفرنسيين الذين يناهز عددهم ستة آلاف في مالي، وعززت امن منشآتها التي على صلة بالسلطات المالية". وهي المرة الاولى التي تواجه فيها عاصمة في منطقة الساحل جنوب الصحراء الكبرى الهجوم على المطعم منذ اختطاف فرنسيين اثنين في 2011 في مطعم فرنسي بوسط نيامي عاصمة النيجر. وقال الخبير في الشؤون الأفريقية انطوان غلاسر: "لا نرى كيف يمكن لفرنسا ان تقوم بأكثر مما فعلته في كل هذه المنطقة الساحلية الصحراوية"، في اطار عملية "برخان" التي تضم ثلاثة آلاف جندي فرنسي تمت تعبئتهم في خمس دول في منطقة الساحل. وتابع بأسف: "ان فرنسا تصل الى اقصى ما يمكن ان تفعله بدون مساعدة شركائها الاوروبيين الذين يبقون في حالة صمت تام". لكن بيار بوالي الذي انتقد ايضا تردد الدول الاوروبية اعتبر ان حالة الوعي تتقدم في بروكسل.