في الآونة الأخيرة، انتشر في الشوارع الكثير من السيارات التي تحمل تنبيها ينص على أن «السائق تحت التدريب». و في حقيقة الأمر، لا أدري ما هي الرسالة التي يود كفيل السائق إيصالها لمرتادي الطرق، هل هي لتنبيه الآخرين بأن السائق لا يجيد القيادة بعد؟! لذا فهو يطالبهم بتحمل أخطائه وهفواته؟! أم هي طلب ورجاء بألا يقسوا على السائق بقيادتهم العنيفة التي باتت ظاهرة عامة في شوارعنا؟! وما معنى تحت التدريب بالضبط؟ ومن الذي يدربه؟ وكيف يتم تدريبه في الشوارع المزدحمة والسريعة؟! وماهو موقف الإدارة العامة للمرور من هذا الوضع ككل؟! من ينظر إلى حال القيادة في شوارعنا ويطالع إحصائيات الحوادث يتلمس حجم المشكلة الكبيرة التي نعاني منها، والتي يعود جزء كبير منها إلى تردّي أخلاقيات السياقة عند أغلبنا للأسف الشديد، بالإضافة إلى عوامل فنية أخرى؛ مثل تصميم بعض الطرق الداخلية والسريعة والتقاطعات والمخارج ومواقع الإشارات الضوئية والدوارات وغيرها، وهذه العوامل مشتركة تجعل من القيادة اليومية أمراً متعباً محفوفاً بالمخاطر التي لا تتحمل أن يشارك فيها سائق «متدرب» ليست له خبرة وافية في القيادة تمكنه من التعاطي السريع مع متغيرات الطريق المفاجئة، وخصوصاً أنه مؤتمن على حياة من يركبون معه من نساء أو أطفال من الذين دعتهم الحاجة لاستقدامه. موضوع القيادة والمرور والشوارع موضوع متشعب ذو أبعاد كثيرة ومشكلة الحوادث والازدحام والتوتر في القيادة تعود بالمقام الأول إلى السائقين أنفسهم بغض النظر عن العوامل المساعدة الأخرى والتي لو كان السائقون ملتزمين بالقواعد والأنظمة المرورية لما وصل حالنا إلى هذا الحد من عدد الحوادث والوفيات والإصابات البليغة، هذا فضلا عن الخسائر المادية الهائلة متمثلة في التلفيات العامة والخاصة وتكاليف العلاج التي تتكبدها وزارة الصحة لعلاج المصابين وإشغال أقسام العناية المركزة بإصابات الحوادث المرورية. لو التزم كل سائق منا بالقواعد المرورية واحترمها لما عانينا من الاختناقات المرورية في الشوارع العامة خصوصاً في أوقات الذروة، ومهما كانت الرقابة صارمة والجزاءات باهضة فإنها لن تغني عن الرقابة الذاتية والالتزام الشخصي. إن عملية استخراج رخصة القيادة والحصول عليها بشكلها الحالي مازالت تحتاح إلى التطوير والتحسين، ومدارس تعليم القيادة مازالت تمارس دور الاختبار السطحي الذي لا يكشف بالضرورة عن مدى مستوى وإجادة السائق لقيادة السيارة، بدلا من التعليم بما تعنيه الكلمة من معنى والذي يحتاج إلى تدريب ومراقبة ثم اختبار على أرض الواقع بسيارات مجهزة لمثل هذا الأمر وعلى أيدي مختصين على مستوى عال من المهارة والخبرة. وعودة إلى موضوع السائقين الخاصين الأجانب، الذين يقودون سيارات تحمل يافطة «السائق تحت التدريب» التنبيهية، فهم وعلى حسب علمي يستطيعون قيادة السيارة لمدة ثلاثة شهور كحد أقصى برخص القيادة التي يحملونها ولبعض الدول المحددة، ولكنهم في المقابل لا يخضعون لأي تدريب عملي حقيقي للقيادة من مدارس تعليم القيادة غير بعض الأمور النظرية كإشارات المرور وبعض أجزاء السيارة المهمة وشيء بسيط من الاختبار العملي في حلبة الاختبار الصغيرة التي لا تحاكي واقع شوارعنا المفتوحة والكبيرة. أمر أخير ومهم وهو أنه وللآن لا توجد آلية جودة في استقدام السائقين وكثير منهم يجلسون خلف المقود لأول مرة في حياتهم عندما يصلون للملكة ونحن نأتمنهم على أرواح عوائلنا ونظن بأن تعليق عبارة «السائق تحت التدريب» كفيلة بحماية من نحب!