من أجمل النعم التي يسبغها الله على الزوجين نعمة (الأبناء)، فهم زينة لهما في الدنيا، ومتاع يبلغ به أحدهما نهاية عمره؛ يتهادى بين حنانهم إذا كانوا حوله، وبين حنينهم إذا ابتعدوا أو غمرتهم مشاغلهم. وكثيرا ما يهمل الأبوان كون «التربية» مدرسة لها نظرياتها و تجاربها، إذ تنتقل الأجيال في كل مرحلة من الزمن إلى ثقافات أكثر انفتاحاً، و تميل كثيراً إلى الواقع بعيداً عن الأُطُر المجتمعية المثالية بل و المأزومة أحياناً. تنتهج التربية في مجتمعنا المحلي طبقات متعددة – بحكم بيئتنا المحافظة – من تربية البيت والمدرسة والمسجد وحلقات تحفيظ القرآن إلى مشاركٍ جديد يمارس الدور نفسه لكن بشراسة واستدامة، هي باختصار: (التربية الافتراضية) أو الجيل الرقمي على شبكات التواصل. مخطئٌ من اعتقد أن (زمان الطيبين) يتجاوز زمنه إلى حاضرنا المختلف كلياً، ومع شديد الأسف التعامل مع الأبناء في معظم الأحيان يكون تعاملاً غير مبني على فهم احتياجاتهم، وتطلعاتهم، بل وعدم مراعاة الفترة الزمنية التي ينبغي أن تنعكس على أساليب التعامل، فينبغي أن ندرك أن «الوسائل التي جلبت النجاح في الماضي هي ليست نفس الوسائل التي ستجلب النجاح في المستقبل». حتى نكون أكثر صراحة.. إن أي وسيله تقليدية تقوم على استصغار عقولهم، أو استخدام الضغط أو العنف معهم سوف تؤدي إلى نتائج عكسية، تتحول إلى بوادر تمرّدٍ أخلاقي أو فكري. ليس عيباً أن تصبح لأبنائك صديقاً! الأبناء.. يجب أن نفتح لهم آذاننا، نسمع لمقترحاتهم، نشاركهم في اهتماماتهم و همومهم، أن نعاملهم رجالاً فنساير الصحيح وننصح بشفقة في الخطأ، ونضرب الأمثلة لكن بغير الأقران. ابنك الشاب.. يدين لك بالفضل ويغمرك بالمحبة لكنه ليس مجبراً أن يطلق اسمك على ابنه، يحترم رأيك في مقابل مساحةٍ تُعطى له ليجرّب فيها ما يعتقده صواباً. والفتيات.. ما زلن يترقّبن تقلّص الوصاية القَبَلية في عادات الزواج ومغالاة المهور، ينظرن بأملٍ كبير لواقعٍ أكثر تفهّماً لطبيعتها بأنها صاحبة قرار. عزيزي الأب.. كن حاضراً مع أبنائك بعقلية جيلهم، حتى لا تكون في قائمة المفقودين.