هاجس جال بخاطر كل طالب أو طالبة أنهى دراسته الثانوية، خواطر تزاحمت في فكر كل واحد منهم.. وماذا بعد؟! وإلى أين؟! تساؤلات وأسئلة تبعثرت إجاباتها في خيال الأبناء والبنات الواسع والعميق... فرح الجميع وابتهج الكل وساد جو من الانشراح وتلاشت فترة الترقب والانتظار التي كانت تخيّم وتسيطر على الأسرة بكاملها... نجح الابن ونجحت الابنة في المرحلة الثانوية والمعروفة عند الكل أنها مرحلة الجسر -جسر العبور- في حياة الأبناء وهي مفترق الطرق وبقدر ما هي مرحلة مفعمة بالسرور، إلا أنها صعبة ومحيّرة وذلك لارتباطها بتحديد مسار المستقبل لهذا الابن وتلك الابنة.. حيرة، تردد وشبه ضياع!! يعيشها المتخرج من الثانوية إذا رغب في إكمال مسيرته التعليمية ملتحقا بجامعة أو كلية أو معهد أو إن هو سلك طريق العمل بمهنة أو وظيفة.. بعد الانتهاء من المرحلة الثانوية يبدأ مسلسل الغموض وانعدام الرؤية الأفقية المستقبلية في أذهان الأبناء والبنات، وهم في تلك الفترة أحوج للنصح والتوجيه والإرشاد والتفاعل مع محيطهم الأسري في اختيار وتحديد المستقبل ورؤيته وكثيراً ما يجدون أنفسهم وحيدين... بعض الأسر مساهماتها في هذا المجال مع أبنائها تكاد تكون بسيطة إن لم تكن معدومة مكتفية بالقول أنّ ابنها أو ابنتها أدرى بمصلحته، متناسين أنّ خريجي الثانوية العامة أعمارهم صغيرة وخبراتهم قليلة وتجاربهم محدودة مما يجعل الابن يعتمد كليّاً على نفسه أو زملائه أو من حوله ومهما كانت معلوماتهم، قد يصيبون وكثيراً ما يخطئون في إسداء النصح والمشورة لطالبيها مما يؤدي إلى ضياع عام أو عامين في دراسة تخصص وجده بعد ذلك غير ما اعتقد، أو التحق بعمل اكتشف أن مضماره لا يناسبه، حينئذٍ يوزع العتب وتكثر الملامة بين أفراد الأسر نتيجة عدم توفق الابن في اختياره وينتهي الأمر وتمر الأيام وندخل في عالم الإحباط والتأفف والتخبط الذي يدفع ثمنه خريج الثانوي... قد تستنكف بعض الأسر من نقاش خيارات أبنائهم لأكثر من سبب ومهما تعددت الأسباب وخلقت المبررات فلن تجدي نفعاً أمام أهمية التواصل مع الأبناء وعن قرب للاطلاع على كل الفرص المتاحة عملياً ومهنياً وكذلك دراسة سلبيات وإيجابيات كل شيء وعدم ترك عنصر المفاجأة يطغى على مسيرة الأبناء وعندئذٍ يصعب الإصلاح... قد يستفيد القلة القليلة مما يُعرف بيوم المهنة الذي تقيمه بعض الجامعات والشركات المحدودة عددياً من فرصة هنا أو هناك وهذا أمر محمود ولكن غير كاف واقتصار يوم المهنة في منطقة ما أو جهة محددة يفقده أهميته لذلك كان الأجدر أن يعمم على مناطق المملكة بدلاً من تهميش أو تجاهل المناطق الأخرى التي يجب أن يستفيد أبناؤها وبناتها من فرص التعليم أو الوظائف شأنها في ذلك شأن بقية المناطق... يجب أن تعم الفائدة والمصلحة على الجميع، وهنا نتمنى أن تقوم هيئة أو جمعية ما بتولي زمام الأمور وتعرض الفرص كاملة وعلى مدار العام لجميع أبناء الوطن وتستمر معهم طوال العام لتقديم النصح والتوعية والتوجيه ومناقشة كل طالب على حدة حتى يستطيع خريج الثانوية تكوين صورة واضحة لكل شيء حتى يستطيع بلورة الأمور ومقارنتها مع رغباته وقدراته الذهنيّة والعمليّة في اختيار مجال يناسبه ليستفيد هو ويفيد الوطن على أثر ذلك وتكون النهاية خلق جيل كامل مقتنع بقدراته مستعداً لخدمة وطنه بدلاً من التشتت المضيّع والمهدر للطاقة والوقت... استشاري إدارة تشغيل المستشفيات وبرامج الرعاية الصحيّة