في نهاية إحدى حلقات الذكر، وقفت أخت لنا في الله؛ لتدعونا لزفاف ابنتها، بقولها: «حياكن الله جميعاً لحضور زواج ابنتي الخميس المقبل» بعدها استطردت بنبرة يشوبها تردد أو ربما أسف، قالت: وحفلنا يا حبيبات بلا معازف، ولكن عذراً لربي ثم منكن باستثناء الزفة فابنتي تصر على أن تكون على نغمات الموسيقى، ويؤسفني أن حيلتي معها ضاقت، وما وجدت سبيلاً لإقناعها بالعدول عن ذلك ببديلٍ حلال. فدعواتكن لها بالهداية.. شعرت بمرارة تلك الأم الفاضلة، وعرفت إجابة ذلك التردد الذي لاحظناه عليها. بعدها شيء ما دفعني لمخاطبتها بكلمات لعل الله ينفعها بها:- إلى غاليتنا العروس اقتربت أجمل ليلة ليلة العمر ليلة تحيا فيها سنة ربانية لتتويج العقد الذي يربطك برجل مدى الحياة، برباط المودة والرحمة، سماه الله ميثاقاً غليظاً لقداسته وعظم شأنه، فكان العقد للزواج شريعة، والاحتفال بهذا الرباط شريعة، ولا يشرع الله إلا الخير لعباده، فله الحمد والثناء الحسن. وساعات الحفل تتنزل البركة من الله على من عظّم شعيرته وأكمل دينه وأعلن الزواج، وجمع الأرحام والأحباب، وبركة الله إن أرادها للعبد فلا تعلم نفس عطاء المنان. غاليتي.. كل ذلك قد نحرم منه حين نعطل أسبابه من حيث لا نعلم ولو بأبسط الأسباب.. نغمات الموسيقى.. قد تكون جميلة.. لكن ربنا لا يحبها ولا يرضاها، وما جمالها إلا من تزيين الشيطان.. نعم والله إنه الشيطان الذي قال عنه من هو عليم بأمور خلقه:- «إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً» فهل للعدو طاعة؟ ثم كيف نسأل الله بركاته ونحن لا نرضيه؟! قد نقول الله عفو غفور.. والمسأله دقائق.. وقد تبرر لي نفسي الضعيفة بمبررات تقنعني وتقول: أنا اسمع الموسيقى فلم أنافق؟! والزفة بالموسيقى أرقى وهكذا.. وأقول في نفسي هذه ليلتي ومن حقي القرار.. وصراعات الحق والباطل التي بداخلك بين الطاعة وخلافها قد تهملينها، لكن السعيد من انتصر الخير فيه، وأعلن الرضا بأمر الله، فالمؤمنة العاقلة التقية هي التي تدرك أن الحياة بتفاصيلها محل الاختبار، كما أن الابتلاء يكون بالشر، كذلك الابتلاء يأتي بالخير.. «ونبلوكم بالشر والخير فتنة»، وليلة الزواج جميلة وخير، لكن نقف عند المحك والاختبار الصعب إلا من يسره الله له، فالشابة أمام فتنة اللباس وفتنة المعازف.. فما أجمل أن يهديني الرحمن في أمسيتي الجميلة حفظة ومستغفرين من ملائكته يلهجون لي بالدعاء.. فما الحال وكيف أن تمتلئ دقائق الزفة وخطواتي للمنصة على صوت المعازف في ليلة كهذه.. وبسبب نغمات الموسيقى قد أخسر صالحي السماء والارض من أن تضئ أنوارهم حفلي!! أليست خسارة عظيمة غيابهم في هذا المشهد المهم في حياتي! أليست خسارة عظيمة يا غالية؟!! ثم برأيك حبيبتي من سيخلف الملائكة إن غابت؟ دقائق سأشتري بها كنوز حياتي، بل السلعة الغالية وهي الجنة، سأشتري بها رضا الله ثم رضا حبيبتي أمي، سأشتري بها انشراح الحضور من صويحباتنا الطيبات وسعادتهن، ولهجات دعوات الصالحات.