شهدنا ثورة احتدام الشعر والمشاعر عند حدث هو الأكثر ألماً وأشد قسوة على كل قلب عربي ومسلم وهو وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله تعالى الذي أحدث ثورة عجزت عن استيعابها الصحف على كثرتها وفاضت بها إذاعات المملكة وإذاعات الخليج وهذا الحب الكبير الذي حظي به حياً وميتاً ونزفت قلوبهم ومشاعرهم بكل صدق بكيناه شعراً ونثراً لمكانتة العظيمة في قلوب العرب والمسلمين. ولا أصدق من الرثاء ولا أعذب على مدى العصور من الرثاء كونه يصدر من قلب صديع صادق ولن ينجح في الوصول الى قلوب المتلقين إلا شاعر صادق الإحساس كما نجحت الخنساء رضي الله عنها وأرضاها في رثاء صخرٍ حتى رقّ لها قلب سيد الخلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وقال عند سماعه لها: (إيه ياخناس)، وتناقلت كتب الأدب مرثية مالك بن الريب نفسه وكانت الأجمل بالرغم من تقادم العهد على رثائه لنفسه وجاءت مرثيات الرسول عليه الصلاة والسلام من كبار الشعراء الذين عاصروه والمتأخرين في غاية الروعة والتأثير وللوصول لمرحلة التجلي الشعرية في الرثاء خاصة لابد من الوصول لمرحلة كبيرة من الألم نتيجة الفقد وقد ينهمر المحزون شعرا وقد يصعب عليه الرثاء لفترة قد تمتد لمدة قد تتجاوز العام لهذا كان الرثاء ولا يزال من أصدق الشعر وأبلغه تأثيراً في نفس السامع ويتفاوت في قوة تأثيره حسب قدرة الشاعر وبراعته وتمكنه من أدواته الشعرية ليوقع أكبر الأثر في نفس السامع وإن بعض القصائد يسقط الدمع ويصدع القلب كمرثية ابن الرومي في ولده: ألا قاتل الله المنايا ورميها من القوم حبات القلوب على عمد توخى حمام الموت أوسط صبيتي ف لله كيف اختار واسطة العقد والرثاء على الرغم من قلة من يكتبه إلا أنه غرض مهم من أغراض الشعر الفصيح والنبطي وكان ولا يزال ترجمان المشاعر وتفريغ مكنونات النفس تعبيراً صادقاً ونبيلا وتخليداً لمن يرحلون عنا ويبقى عبقهم شعرا ونثرا.