لم يكن خبر وفاة الملك عبدالله بن عبد العزيز- رحمه الله- بالأمر السهل لما يحظى به هذا القائد من مكانة عالية على مستوى العالم العربي والإسلامي، وما عرف عنه من حنكة وحكمة، ولم يكن ملكاً للسعودية فحسب، بل كان قائداً لكل العرب لما عرف عنه من الوضوح والشفافية والمواقف النبيلة، وكما أنهُ قريب من شعبه ودائماً يتحدث معهم بعفوية وبساطة، لم ننس مقولته الشهيرة في خطابه بعد عودته من رحلة العلاج قال: "يعلم الله أنكم في قلبي أحملكم وأستمد قوتي من الله ثم منكم". كان له الأثر الكبير في النفوس، فشعروا أنه أب يتحدث مع أبنائه. ولأنه قائد من الطراز الفريد والنادر، كان رحيله عن دنيانا أمرا جللا وأصدق المشاعر التي تجسدت في أطفال انتشرت مقاطعهم في شبكات التواصل الاجتماعي وهم يبكون بحرقة على رحيله ويقبّلون صورته. رحل أبو متعب كغيره من الملوك بعد أن حفر اسمه في لوحة الخلود، وبين إعلان الوفاة ومبايعة الملك الجديد لم تعش بلاد الحرمين دقيقة فراغ ولم تترك الأمة العربية والاسلامية والشعب السعودي طويلا ينتظر الإجابة عن الأسئلة بعد إعلان الوفاة، جرى الانتقال من ملك إلى ملك، وفي الصباح عُين ولي عهده، وولي ولي عهده، وتسلم القيادة الملك سلمان بن عبد العزيز- حفظه الله- ليقود البلاد، وهو أشبه الأبناء بوالده الملك عبد العزيز رحمه الله، وهذا هو الحكم في السعودية إذا ترجل فارس أتى فارس، وفي أول خطاب للشعب والعالم، كانت الرسالة واضحة لمن يريد أن يعرف سر ديمومة الدولة السعودية ونجاحها المستمر. قال الملك سلمان: «سنظل بحول الله وقوته متمسكين بالنهج القويم الذي سارت عليه هذه الدولة منذ تأسيسها على يد الملك المؤسس عبدالعزيز - رحمه الله - وعلى أيدي أبنائه من بعده». وقال: «سنواصل في هذه البلاد التي شرفها الله بأن اختارها منطلقا لرسالته وقبلة للمسلمين مسيرتنا في الأخذ بكل ما من شأنه وحدة الصف وجمع الكلمة والدفاع عن قضايا أمتنا، مهتدين بتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف الذي ارتضاه المولى لنا، وهو دين السلام والرحمة والوسطية والاعتدال». إنه منطق الدولة، السير على خطى ثابتة والانتقال السلس للحكم، وكشف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عن حسه العالي بالمسؤولية والقيادة، حينما سارع لترتيب سلسلة القيادة من ولي عهده الأمير مقرن بن عبدالعزيز- حفظه الله- وولي ولي عهده الأمير محمد بن نايف- حفظه الله-، نسأل الله أن يسدد خطاهم وأن يديم اللهُ علينا نعمة الأمن والأمان والاستقرار.