العنوان التالي ورد بجريدة اليوم، (3 صفر 1436 الموافق 25 نوفمبر 2014)، يقول: «بتعاون جامعة الملك فيصل والمركز الوطني للنخيل، الأحساء تنتج الكحول الصناعي والطبي من فائض التمر»، انتهى، لتبدأ التساؤلات، لاحظوا، (فائض التمر). ذكرني التقرير بموّال (طاهر الاحسائي): [دمعي تحدر]، ارتخت (الصّواميل) لتمرير ترنيمته: [الموتر اللي مرني في الليل، بعد العشا، ماشي على هونه]، الفنان امتدح افتتاح مشروع الري والصرف، بأغنية: [إن كنت مسافر يا خي]، مشروع كان عظيما على الورق، لم يكن (طاهر) يعلم أن مشروع الري والصرف، سيتحول خلال تاريخ تشغيله، إلى أداة لاستنزاف وإهدار مياه الاحساء، بخرها في الصحاري القاحلة، لم يكن (طاهر) يعلم أنه سيأتي علماء، يتبنون مشاريع بحثية، وهي منجزة أصلا، وبعضها من ثمانينيات القرن الماضي، تجاهلوها، تناسوها، ليسجلوا بطولة اختراعها من جديد، هل سيأتي آخرون مستقبلا يواصلون مسيرة (تجاهل) إنجاز الآخرين؟! هل هذا التصرف نتيجة لتبرير صرف الأموال وضياعها؟! الأهم (تجاهلهم) استنزاف المياه الجوفية، وكأن (فائض التمر) يتم ريّه بالهواء. خطأ العلماء زلّة يتضاعف عتبها، كأنهم يصنعون العطش، يشجعون الاستنزاف والإهدار، يجتمع علماء لاعتماد تنفيذ بحوث، سبق إنجازها في نفس الجامعة، قبل ثلاثة عقود، أيضا تم انجاز أخرى في دول مختلفة، بحوث ودراسات تؤصل لكارثة اهدار المياه الجوفية، تقود إلى عطش وجفاف، البلد وأهل البلد يستحقون الأفضل من علماء الوطن. أتعجب من علماء يركبون موجة (تجاوزات) وزارة الزراعة و(استنزافها) الماء المحدود، بدلا من مناداتها بتصحيح الأوضاع، نجدهم يساهمون في زيادة عمق أوجاع البلد (المائيّة)، تتعاظم المصيبة عندما يعمل الجميع في منظومة لا تكترث، يحجبون الرؤية السليمة، يتبنون حلولا تساعد على استمرار استنزاف المياه الجوفية. علماء لا يلتفتون إلى ما آلت اليه مياه البلد، والاحساء خاصة، من نضوب، يتنادون في فخر، ينشرون اجتماعاتهم مقرونة بصورهم على صفحات الجرائد، يقدمون بطولاتهم للمواطن على أنها إنجاز، هي تقود إلى غير ذلك، هل قادتهم المصالح الآنية إلى تناسي الأهم للأجيال القادمة؟! انظروا ماذا يقول العنوان: [فائض التمر]، إدانة، لهم ولوزارة الزراعة، يؤكدون إهدار المياه الجوفية واستنزافها وبشكل علني، من يوقف المهازل؟! من يستطيع تعديل مسار الفكر العلمي لصالح الإنسان والبيئة؟! (فائض التمر) يعني استهلاك مياه جوفية ثمينة لا تقدر بثمن، يستهلكها النخيل الزائد عن الحاجة، جزء من (فائض التمر) تشتريه وزارة الزراعة بسعر (3) ريالات/كجم، تقدمه صدقة للعالم، ثم يبقى فائض آخر، انبرى الإخوة العلماء في إيجاد حل لهذا الفائض، بدلا من المطالبة بوقف نزيف إهدار المياه على ريّه، سعوا لجعله سلعة ذات ثمن، (فائض التمر) هذا (جريمة) بحق الماء والبيئة، يشاركون بتشجيعها بمثل هذه الدراسات. لست ضد البحث العلمي، ضد مثل هذه البحوث والدراسات، ضد أي عمل يقود ويشجع على استنزاف المياه الجوفية، شيء مؤسف أن يساهم علماء في جامعة، بتشجيع استنزاف المياه عن طريق استخدام (فائض التمر)، عبث زراعي وعلمي، فوضى تهدد حياة المستقبل وأجياله، يجب وقف (فائض تمر) في ظل ظروف الماء في المملكة. زرعوا القمح وتمادى علماء في تشجيعه، زرعوا الشعير وتمادوا في تشجيعه، زرعوا الأعلاف وتمادوا في تشجيعها، زرعوا النخيل وتمادوا في تشجيعها، لدينا أكثر من (30) مليون نخلة تستهلك (سنويا) ما تنتجه محطات التحلية لمدة (6) سنوات، يبلغ ثمنها (1200) مليار ريال، وبعد، هل نحن بحاجة إلى كل هذا النخل؟! حجج واهية ورؤية قاصرة، تجاهلتم ظروف البيئة، الماء أهم من كل شيء تتخيلونه، احترموا عقولنا. إلى أين نقود البيئة والأمة والأجيال القادمة؟! هل ترضون العطش كمصير؟! واحة الاحساء خير مثال، جفت ينابيعها، ثم تتحدثون عن (فائض التمر)، تناقض وفساد وإفساد، أين موقفكم كعلماء من هذا النضوب؟! أين مواقفكم العلمية المشرّفة، لوقف ما يجري من زراعات عشوائية؟! احترموا عقولنا. السكوت على مشاريع التجاوزات غير مقبول، تشجيعها غير مقبول، تبنيها غير مقبول، الترويج لها غير مقبول، الصرف عليها غير مقبول، مهم أن تعي مراكز الأبحاث العلمية في الجامعات أهمية دورها في الحفاظ على مورد الماء، تشجيع أي شيء يقوم على زراعة تستنزف المياه الجوفية (جريمة)، يجب أن يتوقف العبث بالمياه الجوفية، أدعو الإخوة العلماء والزملاء، الى التفكير لصالح الحفاظ على مياه الأجيال القادمة. * أكاديمي. جامعة الملك فيصل