القنص عالم يحوي الكثير من الأسرار وتُعد رياضة الصيد بالصقور من الرياضات المحببة في الأحساء خاصة، بل وتُعد جزءاً لا يتجزأ من تراث المنطقة العريق، ويُمثل القنص جانباً مهماً في حياة بعض أفراد مجتمع المملكة، مما جعلهم لا يترددون في اقتناء أنواع مختلفة، ثم تربيتها والعمل على الإفادة منها في الصيد، يرتبط موسم اقتناء الصقور بالسعودية ومنطقة الخليج العربي باقتراب موسم الشتاء من كل عام؛ حيث يعد ذلك الموسم من أكثر مواسم السنة إقبالا على اقتناء تلك الصقور لارتباطها بموسم الصيد، حيث إن حجم مبيعاتها في السوق السعودية يتجاوز 150 مليون ريال، مشيرين إلى أنه يعد الأكبر على مستوى الدول العربية ودول الخليج؛ حيث يعرض بها جميع أنواع الصقور من دول العالم المختلفة. « اليوم » قامت بجولة في البراري بمنطقة الطلاعية في الأحساء مع الصقارة للتعرف على المصاعب والتحديات التي يواجهونها في تربيتهم للصقور، حيث اتفقوا على أن تأسيس ناد للصقور يسهل إيصال مطالبهم بعد أن يتم اعتمادهم رسمياً في الرئاسة العامة لرعاية الشباب أو الهيئة السعودية للحياة الفطرية، وكذلك إيجاد الحلول للصعوبات التي قد تحدث في منع الصيد في أغلب المحميات ومنع إصدار الجوازات في الفترة الحالية للصقور . وأضافوا أن إنشاء مستشفى متكامل للصقور سيساهم في الحفاظ على صقورنا التي تتجاوز أسعارها خمسين ألفاً، ولذلك نحن حريصون على الاهتمام بها، ولا يوجد في المنطقة الشرقية مستشفى يمكننا الوثوق به، ونلجأ للذهاب إلى دول الخليج الأخرى المتطورة في هذا المجال وندفع مبالغ باهظة، رغم أن أعداد الصقور في المملكة كبيرة، ونحن أولى منهم في إنشاء مثل مراكز الرعاية والتدريب لصقورنا . فيقول ماجد الدوسري: إن الخدمات الصحية المقدمة للصقور في المنطقة الشرقية معدومة، ونضطر للذهاب إلى الشمال أو إلى الرياض للوصول إلى أقرب مستشفى مختص بالصقور، فلذلك نلجأ لدول الخليج القريبة منا لمعالجة صقورنا من الأمراض وندفع مبالغ عالية لعلاجها، وأغلب الأمراض تحتاج للاكتشاف المبكر كي لا ينتشر فلذلك نطالب بإنشاء مستشفى مختص بالصقور . وأضاف الدوسري، أن أخطر الأمراض المنتشرة هو مرض الرداد، وهو مرض خطير ويكون بفطريات تصيب الصقور في الجهاز التنفسي (الرئة ) ويمكن علاجه في بداية إصابته ببعض الأدوية الطبية، ومن أسباب هذا المرض الجو الحار لأن الجو الحار يسبب التهابات رئوية والالتهابات الرئوية إذا ما تركت تسبب الرداد، وكذلك الدودة الرئوية، وهي من أخطر الديدان التي تصيب الصقور عامة، وإذا ما تركت قد تميت جزءا من الرئة وقد تقضي على حياة الصقر ويمكن أن تسبب الرداد إذا تركت مدة طويلة بدون علاج. وطالب حمد الحمام، باسم مجموعة من الصقارين السعوديين الجهات المعنية بتشكيل لجنة طبية، بغرض فحص صقور لهم منعت من دخول الأراضي السعودية، على إثر قرار يتعلق بمنع دخول الطيور الحية، تحرزاً من مرض إنفلونزا الطيور، والنظر فيما إذا كانت مصابة بإنفلونزا الطيور أم لا، وأشار الحمام إلى أنهم أكثر حرصاً بالتخلي عن صقورهم في حال إصابتها بأي مرض وأبدوا تذمرهم من القرارات الارتجالية الصادرة عن غير المسؤولين في الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها، فيما يتعلق بمنع الصيد في كثير من المناطق الحدودية، وقال: «أصبحت حدود القنص ضيقة جداً، وكثرة المحميات همشت دور هذه الهواية». وفيما يختص برعاية الصقور طبياً، أوضح الحمام أن الصقور تعاني من ضعف الخدمات الطبية المقدمة لها، وليس هناك سوى مركز طبي واحد لرعايتها في العاصمة السعودية، مطالباً في ذات السياق، باعتماد مستشفى لرعاية الصقور من الناحية الطبية في الشرقية. وأصبح لهذه الهواياة الكثير من المحبين والمتلهفين لموسم حلوله فما أن يحين موعده وهي فترة عبور الطيور المهاجرة فوق الجزيرة العربية خصوصا طيور الحباري والكراوين مع بداية دخول الوسم وحتى نهاية فصل الربيع- إلا وتجد القناصة قد أكملوا جميع استعداداتهم وأعدوا العدة استعدادا للقنص، ويسبق تلك الفترة عمليات فحص الطير والتأكد من سلامته وعدم تعرضه للأمراض أثناء ربطه أو شبكه من خلال عرضه على الطبيب المختص أو من خلال وزنه . فيقول محمد الحسين أحد أصحاب الصقور: قبل أن تبدأ عملية الصيد بالصقر، يتم إخضاعه إلى عمليات الترويض من قبل الصقار لمدة أسبوع، لتهدئته وجعله يألفه ثم القيام بتجهيزه وتدريبه للصيد، وهو ما يسمى «نقلة الطير أو شلة الطير» وتتم بطريقة الصيحات القوية، حيث يلقب الصقر باسم يعرفه وعند تقديم وجبة من الحمام ينهد الطير نحوها حتى يتمكن من الانقضاض على فريسته وتكون فترة التدريب عادة أسبوعين وفي فصل الصفري ومع نهاية موسم الصيد والقنص يتم ربط الطير أو شبكة ثانية ويستمر ربطه إلى ما يقارب السبعة شهور وهي فترة (الجرنسة) أي عملية استبدال الريش عند الصقر، وفي هذه الفترة يبدأ الطير بتبديل ريشه. ومن المستحسن أن يظل الطير مبرقعا طوال الوقت ولا ينزع عنه البرقع إلا على يد صاحبه ويجب الحرص على عدم تعرضه للبرودة الزائدة، كما يجب الحرص على طعام الطير وخلوه من العظام الدقيقة، وفصل رأس الحمامة ورقبتها قبل إطعامها للطير، لأنهما مسببان رئيسيان لمرض الصرع الذي يصيب الطيور، كذلك يجب المحافظة على نظافة الدس وسطح الوكر. ويرى الحسين بأن القنص شعور لا يكاد يوصف ابتداء من أول ما ينقل القناص طيره حتى ربطه ومن تعلم هذه الهواية لا يمكن أن يتخلى عنها، وتحدث عن بعض المشاكل التي يحذر منها القناصة ويخافون من حدوثها مثل التقلبات الجوية كالعواصف الرملية والتي تكون سبباً في ضياع الطير وكذلك الخوف من بعض الطيور الجارحة كالعقاب، والطيور المهاجرة التي تحمل الأمراض والعدوى. وأشار أحمد بوسبيت أن الجوازات أوقفت إصدار الجوازات للصقور منذ أكثر من 8 شهور، مما يمنعنا من التنقل بطيورنا رغم أنه تم الاتفاق مؤخرا بالسماح بمرور وتنقل الصقور بين دول مجلس التعاون الخليجي بواسطة جوازات خاصة بها، مشروط بمرافقة المالك الأصلي للصقر والمسجل باسمه، وإبراز الجوازات الخاصة بصقورهم ليتم تدقيق ومطابقة الصقور مع الجوازات من قبل موظفي الهيئة السعودية للحياة الفطرية المتواجدين في المنافذ المعتمدة من قبل المقام السامي الكريم لدخول الصقور عبرها، في كل من مطار الملك خالد الدولي وجسر الملك فهد ومنفذ الحديثة ومنفذ البطحاء ومنفذ سلوى ومنفذ الرقعي، والتي يطبق فيها الكشف على مرض انفلونزا الطيور من قبل المحاجر النباتية والحيوانية التابعة لوزارة الزراعة، ولكن للأسف الجوازات موقفة حالياً فكيف يمكننا التنقل وعلاج صقورنا في الخارج بسبب قلة المستشفيات المتخصصة وكذلك المشاركة في المسابقات والمزادات الدولية . وكانت الهيئة السعودية للحياة الفطرية قد أوضحت أنه تم الاتفاق مع نظيراتها في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مملكة البحرين والإمارات العربية المتحدة والكويت ودولة قطر، بالسماح بمرور وتنقل الصقور بين دول المجلس. وطالب عبدالعزيز وماجد الشكر المسؤولين بافتتاح أندية للصقور تتكفل بجمع مطالب أصحاب الصقور وتسهيل تنقلاتهم وإقامة المزادات والمسابقات المتنوعة وافتتاح المستشفيات وغيرها من الأمور التي لاتتحقق إلا إذا تواجد ناد يهتم بهذه الأمور، كما هو الحال في الفروسية، وأما عن أسعار الصقور فهي متفاوتة ما بين السعر العادي والخيالي، ويعتمد السعر على نوع الصقر مثل الحر الوافي والشاهين والوكري واللون وسرعة رؤية الحباري من مسافات بعيدة والصامل الذي يتحمل مسافات طويلة وقوته وخلوه من الأمراض، وأكد الشكر أن إقامة جمعية وناد للصقارين يأتي للتشجيع على هواية القنص والتدريب عليها، وإقامة مزايين للصقور على مستوى المملكة، حيث تلقى إقبالا وتحظى باهتمام لدى كثير من الناس في مجتمعنا الأحسائي والسعودي والخليجي وعُرف الصيد بالصقور منذ القدم، مارسه الإنسان بغرض الحصول على القوت اليومي، ثم تطور الأمر لتصبح رياضة وهواية، حيث شهدت في الماضي على حضارات الأمم، حتى إنها سُميت ب"رياضة الملوك". يذكر أن دول الخليج طورت لبائعي الصقور والهواة أسواقا متكاملة تتضمن مستشفيات متقدمة في علاج الطيور بطرق حديثة، مشيرا إلى أن السعودية تعد المصدر الأساسي لتوريد الصقور من دول العالم. ويهتم هواة وتجار الصقور العابرة، التي يطلق على أشهرها اسم "وحش"، حيث يتسابق الجميع لصيده بهدف بيعه، وتقدر قيمة بعض هذه الأنواع بأكثر من مليوني ريال. ماجد الدوسري يدعو الصقر عبدالله الدوسري وابوفهد يمسكان بالفريسة محمد الحسين وصقره الحر