دانت الحكومة الأردنية، الأحد، وبشدة إعدام الرهينة الياباني الصحافي كينجي غوتو، مؤكدة أنها مستمرة في جهودها من أجل تأمين عودة الطيار الأردني معاذ الكساسبة المحتجز لدى تنظيم داعش منذ نهاية ديسمبر الماضي. وقال وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني: إن "الحكومة الأردنية تدين وبشدة إقدام تنظيم داعش الإرهابي على قتل الرهينة الياباني". وأضاف المومني في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء الأردنية الرسمية، أن "الدولة الأردنية بكافة أجهزتها مستمرة في جهودها للحصول على ما يثبت سلامة الطيار الأردني وأنه على قيد الحياة، وتأمين إطلاق سراحه وعودته إلى الأردن". وبحسب المومني، فإن "الأردن لم يدخر جهداً في سبيل الحفاظ على حياة الرهينة الياباني وإطلاق سراحه، وقد كان على تواصل وتنسيق مستمرين مع الحكومة اليابانية الصديقة للتعاون بهذا الشأن". وأكد أن "تنظيم داعش رفض كل المحاولات التي قامت بها الأجهزة المختصة من أجل الإفراج عن الرهينة الياباني، وهذا يثبت إمعان التنظيم في استخدام أساليب الإرهاب والقتل". من جانبه، أعرب والد الطيار الأردني معاذ الكساسبة، عن أمله بأن يكون ابنه لازال على قيد الحياة. وقال صافي الكساسبة في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس، وقد بدا عليه التأثر الشديد، "معاذ هو ابننا وابن الجيش، والدولة هي المسؤولة عنه، ونسأل الله أن يكون على قيد الحياة". وحول مقتل الرهينة الياباني، قال الكساسبة: "نحن نتعاطف إنسانياً مع عائلته وبلده". وأعلن تنظيم داعش السبت، أنه أعدم الرهينة الياباني كينجي غوتو، بحسب ما جاء في شريط فيديو بثه على تويتر السبت، موقع الفرقان التابع لمجموعات جهادية. وظهر الرهينة في الشريط بلباس برتقالي جاثياً على ركبتيه، وإلى جانبه رجل ملثم في لباس أسود يحمل سكينا. وحمل الجلاد الحكومة اليابانية مسؤولية مقتل الياباني. وينتهي شريط الفيدو بصورة جثة مع رأس على ظهرها. وبحسب مركز مراقبة المواقع الإسلامية (سايت) فإن لهجة الجلاد تكشف أنه على الأرجح الشخص نفسه الذي ظهر في أشرطة أخرى تضمنت قطع رؤوس رهائن آخرين. ويقول الجلاد: إن قتل الياباني جاء رداً على "مشاركة" اليابان في الحرب ضد التنظيم. وكان الصحافي كينجي غوتو خطف في نهاية أكتوبر الماضي، في سوريا. ولم يتطرق شريط الفيديو إلى مصير طيار أردني كان أيضاً محور تفاوض مع تنظيم داعش، علماً بأنه بث بعدما انتهت الخميس، مهلة حددها التنظيم متوعداً بقتل الطيار الأردني معاذ الكساسبة، في حال لم يفرج الأردن عن عراقية إسلامية متطرفة حكم عليها بالإعدام. وكان التنظيم أعدم يابانياً آخر هو هارونا يوكاوا في الرابع والعشرين من يناير. وأبدت عمان استعدادها للإفراج عن ساجدة الريشاوي لكنها طالبت بدليل يثبت أن طيارها الذي احتجز في ديسمبر بعد سقوط طائرته الإف 16 في سوريا، لا يزال على قيد الحياة. وكان الطيار ينفذ غارة على مواقع لتنظيم داعش في إطار حملة التحالف الدولي. السياسة اليابانية واليابان لا تشارك في التحالف الدولي ضد داعش لكن قتل الرهينة الياباني الثاني السبت، يظهر أنها تشكل أيضاً هدفاً للتنظيمات المتطرفة ما يشكل تحدياً لدبلوماسيتها المسالمة برأي عدد من المحللين. فقبل هذه الأزمة كان الأرخبيل الذي تجنب لزمن طويل أتون الشرق الأوسط، يشعر نسبياً أنه في منأى عن هذا النوع من الأفعال كما كان التطرف الديني مشكلة بعيدة جداً بالنسبة للعديد من اليابانيين. لكن احتجاز هارونا يوكاوا، وإعلان قطع رأسه ثم كنجي غوتو الذي انطلق ليبحث عنه في أكتوبر غير فجأة الوضع. في هذا الصدد، أوضح توماكي ايواي أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليابان: "حتى الآن كان الناس يعتقدون أن اليابان ليس لديها ما يربطها كثيراً بالشرق الأوسط، وأن تنظيم داعش لا يقلقها". لكن "الآن هم يدركون أن الإرهابيين في كل مكان ويمكنهم أن يستهدفوا أي شخص". ولفت بعض الخبراء إلى أن الصورة المسالمة للأرخبيل لم تعد تحميه وأن سياسة رئيس الوزراء شينزو آبي لا تسهل الأمور. فمنذ عودته إلى الحكم أواخر 2012 وضع هذا المحافظ نصب عينيه إرجاع فخر وقوة اليابان إلى الساحة الدولية. وقد زار أكثر من خمسين دولة في خلال سنتين وأعاد تفسير الدستور ليجيز للجيش التدخل خارج الحدود في إطار "الدفاع الجماعي" لصالح حلفاء في أوضاع صعبة. لكن الرأي العام يخشى أن يجر هذا النوع من المبادرات البلاد إلى نزاعات بعيدة ومعقدة مثل الحرب على تنظيم داعش بقيادة الولاياتالمتحدة. وقد تزيد الأحداث المأساوية في الأيام الأخيرة من هذه المخاوف. واعتبر تاكيهيكو ياماموتو، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة واسيدا في طوكيو "أن أزمة الرهائن هذه تشكل صدمة كبيرة لليابانيين. ويعتبر كثيرون أن على البلاد أن تعتمد موقفاً متحفظاً بدلاً من التدخل في مواضيع دولية قد تعرض حياة المواطنين اليابانيين للخطر". إلا أن الحكومة مصرة على موقفها. وقد أكد آبي مجدداً على موقفه الحازم، الأحد، بعد بث الشريط المصور لتنظيم داعش. وأكد بتأثر كبير: "إن اليابان مصممة بحزم على تحمل مسؤولياتها بالتعاون مع المجتمع الدولي لمحاربة الإرهاب". ولفت ياماموتو إلى "أن رئيس الوزراء سيواصل سياسته (المسالمة الناشطة) لكن سيتعين عليه ربما تخفيف اللهجة بالتركيز على الجانب غير العسكري للدبلوماسية اليابانية التقليدية، بشكل دعم إنساني للأكثر ضعفاً على سبيل المثال". وقد وقعت المأساة أثناء جولة شينزو آبي في الشرق الأوسط غداة وعد بتقديم مساعدة بمائتي مليون دولار للبلدان التي تواجه هجوم تنظيم داعش الذي استولى على أجزاء واسعة من أراضي سوريا والعراق. وكان التنظيم المتطرف طالب بفدية بالقيمة نفسها قبل أن يغير تكتيكه ويطالب بالإفراج عن الانتحارية العراقية. وقال ايواي: "إن كان محتجزو الرهينتين تعمدوا استغلال زيارة آبي لإحاطة الأزمة بضجة إعلامية، فذلك قد يشكل مشكلة" في طريقة تحركه إزاء المنطقة، مشيرا إلى "كلفة ومخاطر حضور دبلوماسي أكبر". وأضاف متسائلاً عن اختيار الكلمات "عندما أعلن في البداية (المساعدة) أوضح أن المال مخصص لدعم الدول التي تحارب تنظيم داعش قبل أن يصحح بالتشديد على الجانب الإنساني". ولفت معلقون آخرون إلى عدم خبرة اليابان وسذاجتها في مجال إدارة أزمة في هذه المنطقة التي هي في نزاع دائم. وهكذا قام رئيس الوزراء الياباني بأول مداخلة له حول الموضوع أمام إعلام يابانية... وإسرائيلية. وأشار روبرت دوياريتش مدير الدراسات الآسيوية في جامعة تمبل في طوكيو إلى أنه لا يتعين إلقاء المسؤولية على الحكومة اليابانية. وأضاف: "إن هذا النوع من المآسي أمر محتم. فتنظيم داعش يمول نفسه مع عمليات الخطف، واليابان ثرية، لذلك من المنطقي أن يهاجم اليابانيين"، بمعزل عن أن "طوكيو لا يمكنها سوى أن تدعم حليفها الأميركي" المصمم على القضاء على الإسلاميين المتطرفين.