الحزن الذي خلفه رحيل الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - في قلوبنا لا يوصف؛ فهو الملك الأب والملك الأخ والملك الصديق وكل شيء في حياة شعبه الوفي الذي أسرته عفويته وحبه الكبير للصغير والكبير. "بابا عبدالله" كان أباً حقيقياً وحاكماً حكيماً وشخصية خالدة متفردةً، آلمنا المصاب الجلل ولكنها سنة الكون، والبقاء لله «سبحانه وتعالى» يقدر ويلطف، فلطفه وعنايته بنا «جلت قدرته» أبت أن تتركنا في مهب رياح الحالة الدولية المرتبكة والمعقدة والعالم من حولنا بركان لا يخمد، وحساد بلادنا المغرضون يسعون لإثارة القلاقل والفتن فيها كثرُ، فليرد الله كيدهم في نحرهم. نحن في أمان الله ثم في أمانة سلمان. ليلة تاريخية في عمر الوطن عاشتها المملكة مع صدور حزمة الأوامر الملكية والقرارات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز «حفظه الله»، أوامر أعادت تشكيل المشهد الداخلي على كل الأصعدة، أدهش «حفظه الله» العالم بأسره في حجم التغيير وحجم العطاء، هذه القرارات أكدت أن المملكة دولة ذات قوة متفردة في نهجها وستبقى إن شاء الله، وهذا التغيير الشامل والعطاء السخي بتوفيق من الله وضع البلاد في عتبات حقبة جديدة من النمو، ووضع على عاتق المسئولين الذين اختارهم مهمة ليست بالسهلة، وفقهم الله وجعلهم عند حسن ظنه بهم. أراد الله لنا ولهذا الوطن الأمن والاستقرار، فوضعنا في أيدٍ أمينة، وجعل عزاءنا الوحيد الملك الأمين سلمان بن عبدالعزيز «رعاه الله» القائد الفذ ورجل دولة مميز، منحه ربه أعظم نعمة وأكرمها، حفظ كتابه الكريم طفلاً في العاشرة من عمره في مدرسة الشيخ عبدالله خياط إمام وخطيب المسجد الحرام. وهذه النعمة يهبها الله «تعاظم شأنه» لمن هو مؤتمن أمين على دينه وسنة نبيه - ومن ائتمنه الله على كتابه بحفظه وتدبره حريٌ به أن يكون مؤتمناً على رعيته وبيته ومسجد نبيه «عليه أفضل الصلاة والسلام». عزاؤنا في سلمان الخير قائداً لمواصلة مسيرة النهج القويم، فقد وعد شعبه المخلص وأكد في أول كلمة له «حفظه الله» بعد توليه الحكم أنه سيظل متمسكا بالنهج الذي سارت عليه دولتنا الحبيبة على يد المؤسس «طيب الله ثراه» ومن بعده أبنائه رحمهم الله، ولن يحيد عنه أبدا، كما وعد بخدمة هذا الوطن وحمايته من أي أذى، وهو الصادق فيما يعد والشواهد كثيرة، فالملك سلمان «وفقه الله» أسهم بشكل كبير في بناء هذه الدولة، ويعتبر إحدى ركائزها الرئيسة، وفي صناعة القرارات وصياغة المواقف له حضوره الكبير واهتمامه وحرصه كما عهده العرب والمسلمون يمتد إلى خارج المملكة، فقد دعا إلى تضامن الدول العربية والإسلامية لأنها أحوج ما تكون اليوم إلى وحدتها وتضامنها، مؤكدا أن بلاده ستحرص على كل ما من شأنه وحدة الصف وجمع الكلمة والدفاع عن قضايا أمتنا. محبوب «حفظه الله» من شعبه منذ أن كان أميراً للرياض، عرفوه وعرفهم وعرفوا كريم أخلاقه وإحساسه بهم وبحاجاتهم وتطلعاتهم، فتربع على عرش قلوبهم لنصف قرن مضى وسيظل بإذن الله. وليس بغريب على سلمان بن عبدالعزيز أن يحبه شعبه، فقد كان يخصص كل يوم جزءاً من وقته لاستقبالهم، كما خصص مساء الاثنين من كل أسبوع لذات الهدف. فالملك سلمان ليس رجل سياسة فقط، بل رجل فكر وشفافية فكرية يفكر في كل شأن يتناوله أو يتعامل معه بتفكير ونظرة حكيمة ورؤية واضحة، رحم الله المغفور له بإذنه المؤسس، فهناك كثير من الخصائص المشتركة بينه وبين الملك سلمان الذي تتلمذ على يده «رحمه الله». استحق بكل جدارة مبايعة الشعب - كلنا نبايعكم يا خادم الحرمين الشريفين، بقلوبنا وبكل مشاعرنا، ونعاهدكم على السمع والطاعة رجالاً ونساء وأطفالاً، ونثبت لجلالتكم ولاءنا لكم ولقيادتكم وتمسكنا بوحدة الوطن، سائلين المولى أن يوفقكم ويوفق وليّ عهدكم ووليّ ولّي عهده «حفظهما الله»، أيدكم الله بنصره وجعلكم خير خلف لخير سلف وحمى الله بلادنا من كل سوء. * تربوية - مديرة