كشف مسؤول زراعي بالمنطقة الشرقية، أن كافة المزارعين في المنطقة على وشك الإفلاس نتيجة اشتراطات وزارة العمل المفروضة عليهم، والتي من أبرزها برنامج "السعودة" وعدم السماح لهم باستقدام العمالة، موضحاً أن هذه الاشتراطات رفعت التكلفة التشغيلية على المزارعين بنسب عالية في ظل تدني دخل مزارعهم، وبعضهم هجر مزرعته بالكامل أو العمل في نصفها بهدف التوفير والمقاومة من أجل البقاء، ما أدى إلى تراجع الرقعة الزراعية بالمنطقة عن العام الماضي بنسبة 20%. وأكد المسؤول أن كثيراً من المزارعين يعملون حالياً بنصف المساحة بهدف التوفير والمقاومة من أجل البقاء وتسديد الأقساط المستحقة عليهم لدى صندوق التنمية الزراعي في ظل تعثر الكثير منهم في دفع هذه المستحقات. عزوف زراعي وقال نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية الزراعية بالمنطقة الشرقية ساري الدوسري، إن المزارعين تأثروا كثيراً بسبب التعقيدات التي وضعتها وزارة العمل مؤخراً مثل ضرورة وجود سجلات تجارية ورخصة العمل واشتراك الغرفة التجارية لدى المزارعين وتطبيق برنامج "السعودة" مع عدم السماح لهم باستقدام العمالة التي تتحمل العمل في المزارع والأجواء الجوية في المنطقة ويشغلون من خلالها الأراضي الزراعية لتلبية كافة احتياجات المستهلكين في السوق، فمن المفترض استثناء المزارعين من هذه الشروط لما فيها من ضرر عليهم مثل رفع التكلفة التشغيلية في ظل تدني الدخل. وأكد الدوسري أن الشباب السعودي لا يرغب في العمل بالقطاع الزراعي، وذلك لما فيه من مشقة وتدني الرواتب، موضحا أن هذا القطاع يختلف كلياً عن باقي القطاعات الاقتصادية بمكوناته والصعوبات التي تعترض نموه، وكذلك نوعية مستثمريه الذين هم في الأغلب يعتمدون على أنفسهم في إدارة مزارعهم وتمويلها ومعالجة المشاكل التي تمر بالمحاصيل كالصقيع ودرجات الحرارة المرتفعة. وأضاف، أن الشروط التي وضعتها وزارة العمل لم تكن مطلوبة في السابق، ولكن عند إقرارها أصبحت عقبة جديدة في وجه المزارعين أدت إلى عزوف أكثر من 80% منهم عن العمل وهجروا مزارعهم، حيث قاموا بتحويلها إلى استراحات وسكنا للعمال، وكثير منها معروض للبيع لعدم الاستفادة منها، موضحاً أن النسبة المتبقية من الرقعة الزراعية لن تغطي حاجة المنطقة نهائيا، وكذلك التوقف عن الزراعة يترتب عليه عدة مشاكل أبرزها ارتفاع الأسعار، مشيراً إلى أن المنطقة الشرقية بها أكثر من 5 آلاف مزرعة أغلبها حيازات صغيرة تنتج الخضار. معاناة وأضرار وأشار الدوسري إلى أن الدولة منحت الأراضي والقروض لصغار المزارعين عن طريق صندوق التنمية الزراعي لكي يساهموا في توفير الغذاء وزيادة الرقعة الزراعية، ولكن الشروط الحالية ضيعت كل مجهودات الدولة التي تتعلق بتنمية القطاع الزراعي، مؤكداً أن المزارعين في ورش العمل والندوات التي ينظمها مجلس الجمعيات بالمملكة بينوا معاناتهم والضرر الذي لحق بهم، وعلى إثر ذلك تم مخاطبة وزارة العمل لإيجاد حل سريع يحمي المزارع من التدهور والإفلاس، ولكن لم يظهر المجلس بنتيجة. وفيما يتعلق بالدور الذي يمكن أن يلعبه المزارع بالمنطقة الشرقية في ظل شح المياه وضغط وزارة العمل فيما يتعلق بالعامل الزراعي الوافد، قال نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية الزراعية:" في حال تم منح المزارعين جميع التأشيرات التي يحتاجونها وإعفاؤهم من رسوم رخصة العمل، فإنه سيعود كافة المزارعين إلى العمل والإنتاج الزراعي من جديد،فالمزارع الموجودة حالياً تغطي حاجة المملكة إلى 50 سنة قادمة". وعن حجم الضغط على المزارع السعودي وفقاً لإعلان الدولة توجهها زراعياً إلى الخارج لتأمين الغذاء، قال: إن الزراعة في الخارج تعني زراعة الحبوب والأعلاف الخضراء وتربية الماشية، ولن يؤثر ذلك على المزارعين والزراعة الداخلية نهائياً، وهذا النوع من الإنتاج لابد من وجوده. وبين أن أغلب المنتجات المحلية قد انقطعت من الأسواق المحلية مثل الطماطم وبعض الخضراوات الأخرى بسبب عزوف المزارعين عن العمل نتيجة عدم تشغيل مزارعهم بالمنطقة، لأنهم يعانون من عدم توافر العمالة، وقد أدى هذا الأمر إلى تعثر نسبة كثيرة منهم في تسديد الأقساط المستحقة عليهم لصندوق التنمية الزراعي. هجر المزارع وأكد الدوسري، أن الخضراوات والفواكه المستوردة لا تؤثر على الإنتاج المحلي لأن لها أوقاتا محددة وغير مضمونة لتأثرها بالأجواء الجوية والأحداث السياسية في بعض البلدان المجاورة، وفي نفس الوقت لا تغطي الحاجة الداخلية،بعكس الإنتاج المحلي الذي يتوافر بكل المواسم لأن مناطق المملكة الزراعية، كلا لها ميزة زراعية في إنتاج معين تكمل بعضها مثل الجوف الذي تنتج الزيتون وزيت الزيتون، وزراعة المانجا بجازان والخضروات بالمنطقة الشرقية والتمور بالقصيم. وتابع: " تم إبلاغ وزارة الزراعة رسمياً بحجم الضرر الذي لحق بمزارعي المملكة نتيجة ضغوطات وزارة العمل لإيجاد حل لهذه الأزمة التي جعلت الأغلبية يدخلون في حالة إفلاس، ونتمنى من الوزارة الاجتهاد في هذا الأمر لاستثناء المزارعين من اشتراطات العمل" مشيراً إلى أن طبيعة العمل في المزارع التقليدية مكلفة جداً وبالكاد تغطي تكاليفها التشغيلية، نظراً لارتفاع أسعار الأسمدة وباقي المعدات التي يحتاجها المزارع في أداء أنشطته الزراعية. الإعفاء من الاشتراطات وواصل الدوسري: المزارعون حالتهم سيئة جداً، وتتدهور سنوياً، فالبعض منهم هجر مزرعته بالكامل أو العمل في نصفها بهدف التوفير والمقاومة من أجل البقاء، وهذا الأمر أدى إلى تراجع الرقعة الزراعية بالمنطقة عن العام الماضي بنسبة 20%، وستزداد في السنوات القادمة ما لم يتم إعفاء مزارع المنطقة من اشتراطات وزارة العمل. وطالب نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية الزراعية، شركة "سابك" التي تعتبر شركة حكومية وتملك الدولة بها حصة كبيرة أن تقدم الأسمدة الكيماوية للمزارعين بأسعار تفضيلية أسوة في مصر، مشيراً إلى أن كل المزارعين في المملكة يستهلكون 10% فقط من إنتاج سابك للأسمدة والتي ترفع أسعار المدخلات الزراعية كالأسمدة واليوريا والمواد مثل البلاستيك والفلين شهرياً بمقدار يصل أحيانا إلى 20%، لذا يجب على شركة "سابك" أن تقدم خدماتها للمجتمع والمزارعين الذين يعدون جزءاً كبيراً من المجتمع ويمثلون القطاع الخدمي بالمملكة.