جميل رائع ومثير للإعجاب، الأقواس والزخارف والفسيفساء والقبب المستديرة هي من خصائص الفن المعماري في إيران في الفترة التي سبقت ظهور الإسلام. على أي حال فإن فن العمارة الإيرانية يمتد لأكثر من 5000 سنة قبل الميلاد وحتى وقتنا الحاضر، كما أن هذا الفن كان ملهماً ومؤثراً بشكل واضح على فن العمارة في كثير من الدول كالهند وتركيا وطاجيكستان وزنجبار. يقول آرثر بوب (Arthur Pope) الباحث الأمريكي والخبير في فن العمارة الإيرانية: «إن الفن الإيراني الراقي وبالمعنى الصحيح للكلمة كان مرافقاً على الدوام لفن العمارة والذي كان لديه أسلوبه الخاص، حيث كان هذا الفن المعماري متفوقاً على سائر الفنون في الفترة التي سبقت الإسلام وفي الفترة التي تلته أيضاً». فهناك الأبنية المتنوعة والمجمعات بما في ذلك المساجد والأسواق والجسور والقصور المتبقية من العصور القديمة. فالإيرانيون يعرفون كيف يقومون ببناء الأبنية العالية مع فضاء داخلي وسيع، كما يقومون ببناء أماكن العبادة لديهم بشكل يتناسب مع البيئة المحيطة بهم. تختلف عمارة المساجد في إيران من منطقة لأخرى وفقاً للأسس الهندسية المتبعة والمواد والأساليب المستخدمة في تلك المناطق. هذه المساجد غالباً ما يكون لديها بناء غاية في التعقيد مع استخدام واسع للألوان والآجر وقطع الفسيفساء مما يؤدي بدوره لإنتاج أعمال مفعمة بالإحساس. قبة المسجد ومع انعكاس ضوء الشمس عليها تبدو وكأنها جوهرة من الفيروز المتألق على سطح المسجد، فالمسافرون الذين يعبرون إيران عبر طريق الحرير يستطيعون ومن على بُعد أميال رؤية هذه القبب المتألقة. هناك الكثير من المساجد العصرية في جميع أنحاء العالم تم بناؤها على مدى العقود الماضية، حيث تُعتبر تحفة معمارية غاية في الجمال والروعة إلا أنها لا تملك قيمة تاريخية توازي بها المساجد الأثرية الموجودة في البلاد الإسلامية. لهذا السبب، إيران لديها مجموعة كبيرة من المساجد الجميلة والتي -للأسف- لا يعرف الكثير من الناس بوجودها. ومما لا شك فيه أن الحضارة الاسلامية على مدى القرون السابقة قد تركت الكثير من الآثار التي ابرزت الجانب الجمالي و الابداعي في كثير من الفنون، كفن الزخرفة والخط العربي والعمارة، ويمكنك ان ترى ذلك في كثير من المساجد والأوقاف الاسلامية، حيث يبدو جليا أن المهندس المسلم قد اعتنى بانجازاته بدقة وحرفية مطلقتين وأنجز ما أنجز معتمدا على أسس علمية كانت بذوراً لعلوم هذا الزمان. في ايران وبالتحديد في مدينة شيراز تجد ما برعت فيه الحضارة الاسلامية من فن العمارة في مسجد «نصير الملك» أو المسجد الوردي، يبدو هذا المسجد من الخارج كأي مسجد تقليدي بتصميم معماري اسلامي مميز، لكن بمجرد دخولك الى داخل المسجد سيفاجئك سيل من الأشعة الساحرة بسبب الزجاج المزخرف بالألوان المستخدم لجميع نوافذ المسجد والذي ينعكس على السجاد الايراني ليخلق لوحات في غاية الروعة والجمال. اذا قررت ان تزور هذا المسجد فعليك ان تفعل ذلك صباحاً إذ أن المسجد قد تم تصميمه ليلتقط أشعة الشمس في الصباح. وقد تم بناء هذا المسجد في العهد القاجاري ومازال حتى يومنا الحاضر قيد الاستخدام تحت إشراف وحماية وقف مؤسسة نصير الملك، تم استخدام الزجاج الملون بكثرة في واجهة المسجد، ومن الأشياء والعناصر التقليدية التي يمكن مشاهدتها في هذا المسجد وجود خمسة تقعرات في التصميم، كما أنه وبسبب الآجر الوردي والبنفسجي المستخدم في بنائه فإنه يُسمى أيضاً بمسجد الوردة الحمراء. ألوان زاهية تعكس الجمال الإيراني لحظات الاعتكاف