على امتداد العاطفة الإنسانية يمتد الملك عبدالله بن عبدالعزيز «يرحمه الله» عميقا في قلوب كل من صافحه بابتسامة تفتح الأنفس على آمال عريضة، أو وصلة عطاء الوالد لابنه أو أخيه، ليس ذلك في إطار الوطن الواحد وإنما لأمته والبشرية، فكان جديرا بلقب ملك الإنسانية لأنه فاض بإنسانيته على الجميع، فلم يكن تفاعله مع المحيطين به أو من يطلبون دعمه وسنده محدودا أو قاصرا على فئة من الناس دون أخرى، فقد كان - يرحمه الله - عالميا في فكره وتوجهاته وعطائه، والسياق يفيض بما قدمه لكل عليل أو كسير أو منكوب أو محتاج. لا أزال أتذكر اتصالا هاتفيا تلقيته بعد البيعة الأخيرة للراحل الملك عبدالله من صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز حين كتبت مقالا بعنوان «حكمة قائد.. وولاء شعب» شكرني فيه على ما طرحته وذكر أنه يشعر بأن ما كتب إنما كتب من القلب، ولي الفخر في ذلك، فمحبة والدنا الراحل تعمر القلب، وكم هو جميل أن نرى عواطف الملايين بل والمليارات تتجه الى الراحل بالحب وأجمل الذكريات، فهو لم يكن يعطي ويتدبر شؤون بلاده وحسب، وإنما كان له وجوده في كل أرجاء العالم فيعرفه الناس بخيره المتواصل ولمساته الإنسانية الصادقة التي تغرس في القلوب حبه والوفاء له. في ذلك المقال كنت قد ذكرت أن عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحتشد بمكاسب نوعية وكمية كثيرة تؤسس لمستقبل أكثر انفتاحا وتأهيلا لنعيش فيه بسلام وأمن وأمان، وهو فاض بفكره الإنساني والسياسي على وطنه وأمته والإنسانية بأجمعها، وذلك طبيعي حين نرى مناشدات بني الإنسان في كل مكان، بأعراقهم وأديانهم وانتماءاتهم المتعددة تطرق أبوابه ليعينها ويساعدها في أمر ما، وينفذه وينفذ تبعا لذلك الى القلوب ويستقر فيها. وإني لأتساءل: كم منزلا في الدنيا فجع برحيل والدنا الملك عبدالله؟ وكم إنسانا آلمه فقده وسال دمعه وهو يستعيد الوالد الراحل بأجمل الذكريات؟ إنه فقد للإنسانية وليس الشعب السعودي وحده، جميعهم يشاركوننا ألم الفراق والرحيل، وكلّ يحبه على طريقته، وكلّ يعبّر عن ذلك بلغته، ويكفي أبا متعب أن يرحل تسليما وقضاء وقدرا، فيما ترفع الأكف في مشارق الأرض ومغاربها داعية له بالرحمة، وباقية على عهدها بالحب والوفاء، جزاء إحسانه وبره وعطفه وإنسانيته العميقة التي جعلته أحد أهم عناوين الإنسانية في التاريخ المعاصر، فلك من الله يا أبا متعب الرحمة والغفران، ولك منّا الدعاء في أعناقنا، وعهد بألا ننساك ما حيينا. كاتبة