في السادس والعشرين من الشهر الجاري، ستحتفل الهند بالعيد الرابع والستين لقيام الجمهورية والمسمى بيوم الجمهورية. هذا اليوم الذي يوازي في أهميته عيد الاستقلال من الاستعمار البريطاني الذي يصادف الخامس عشر من العام 1947م. يوم الجمهورية هذا العام لن تكون توقعات «الأمل الجديد» على قدر تلك التي واكبت إعلانها على لسان السيد نارندار مودي زعيم حزب بهارتيا جاناتا المعارض BJP الذي فاز بالانتخابات الأخيرة في شهر مايو من العام الماضي 2014م وهو اليوم رئيس الحكومة في تحالف مع أحزاب هندوسية أخرى. لا يمكن المبالغة والقول عن حكومة لم يمض سوى سبعة أشهر على تشكيلها انها تواجه أزمة. لكن منغصات حقيقية تجري في الشارع وفي أوساط السلطة والبرلمان ومؤسسات الدولة والمجتمع. السجالات حاليا في بدايتها بين ممثلي الحكومة من جهة وممثلي المعارضة من جهة أخرى. المعارضة يقودها حزب المؤتمر القوي والذي ترأس حكومات الهند منذ الاستقلال وإلى اليوم بمجموع 55 سنة بينما لم تحكم أحزاب المعارضة التي تحكم اليوم سوى فترات متقطعة لا تزيد على 12 عاماً. ما هي المشكلة ومن المؤهل لمعالجتها؟ . منذ نجاح حزب بهارتيا جاناتا في الانتخابات وحتى أثناء مشاورات زعيمه مع حلفائه، بدأت نزعات التشدد والاستعلاء في الحواضن الهندوسية العريضة -كخليط من الدين والاعتداد العرقي- في مضايقة والتعدي على حقوق الأقليات وتحديداً الإسلامية والمسيحية. بادرت جمعيات هندوسية متشددة إلى تجمعات للنقاش الغرض منها (لم شمل البيت) ودعوة المسلمين والمسيحيين لترك ديانتهم كهنود كانوا هندوسا فضّلوا وفقدوا دينهم الهندوسي وحان الوقت (لعودتهم إلى البيت كعودة الابن الضال)، تمادت التجاوزات ووصلت إلى التهديد والوعيد ثم... الإكراه صراحة. وصلت القصص إلى الإعلام والهيئات الدينية والحقوقية والزعامات السياسية. في البداية قللت الحكومة من أهمية ما يدور على أنه مجرد نقاشات «دينية» لا ترقى إلى مستوى المشكلة. تفاقمت الأمور إلى اكتشاف أن حوالي 30 مسلما جرى إكراههم على ترك الإسلام وكذلك الحال مع أكثر من 60 مسيحيا وأصبحت قصة الوزيرة نيران جان جيفوتي على كل لسان. الوزيرة قالت في إحدى جولاتها موجهةً كلامها للجمهور: لابد أن نختار بين اتباع رام ( أبناء إله الهندوس العظيم رام) وأتباع الشر (المأفونين). أتباع الشر هؤلاء الذين تتحدث عنهم وزيرة في الحكومة بهذه الفظاظة ليسوا سوى كل الهنود من غير الديانة الهندوسية. طالبت المعارضة البرلمانية بطرد الوزيرة، لكن رئيس الحكومة اكتفى بالاعتذار عما جاء على لسانها. هكذا أصبحت قضية الإكراه في الدين قضية رأي عام قابلة للتطور لانزلاقات خطيرة على المستوى الوطني. السؤال المطروح اليوم هو من سيواجه هذه الموجة الطائفية التي تهدد بنية المجتمع الهندي الذي يعيش في دولة القانون المحمي بدستور مدني علماني يجرم العنصرية والمذهبية وكل الدعوات الفئوية التي تتعارض مع حقوق المواطنة الشرعية بالمساواة؟ من المؤكد أن المسلمين وبالتضامن مع كل من تطالهم هذه التعديات سيقاومون سلمياً، لكنهم مجتمعون لا يشكلون سوى 20% من السكان أمام 80% من الهندوس. الحصن المنيع والذي أوقف في الماضي مثل هذه النزعات المعلنة أو الكامنة ليس سوى حزب المؤتمر الهندي وحلفائه من الطبقة السياسية ومؤسسات المجتمع المدني وكل القوى المدنية من هندوس ومسلمين وأقليات دينية أخرى. صحيح أن التدخلات الخارجية قد تبدو مقلقة وبخاصة في إطار دول الجوار وتحديداً مع الجارة باكستان، لكن الخطر الجدي والذي يهدد العالم وإن بنسب متفاوتة هو الإرهاب الذي يتعولم أكثر فأكثر. الملفت في هذا السياق، أن أيمن الظواهري زعيم القاعدة تنبأ بشكل مبكر بما يحدث اليوم في الهند فأعلن تشكيل ( قاعدة الجهاد في شبه القارة الهندية) بعد ثلاثة أشهر فقط من وصول حزب جاناتا بارتيا للحكم في الهند. *مهتم بالقضايا السياسية والاجتماعية