ربما أصعب ما يواجه قادة الفرق التطوعية أو مشرفي اللجان التطوعية هو إلزام المتطوع بما ألزم به نفسه فكما هو معروف أن التطوع هو الزام ذاتي يقيد به المتطوع نفسه ويتعهد بتأدية دور أو مهمة معينة بشكل طوعي ودونما أي إكراه أو إجبار من الجهة التي يتطوع لصالحها، لذا يعقد المشرفون أو القادة آمالا كبيرة على المتطوعين ويشاركونها الرؤى التي حملوا راياتها ويندفعوا بكل حماس مقلدين المتطوعين في الأدوار التي من شأنها تحقيق الأهداف التي من أجلها تشكلت هذه اللجان أو الفرق. وبقدر الحماس الذي يظهره المتطوعون والرغبة الصادقة في تضافر جهودهم مع الآخرين لإحداث فارق في حياتهم، إلا من الطبيعي أن تعترض هؤلاء المتطوعين التزامات أخرى قد تكون أكثر الحاحاً من التزاماتهم التطوعية، الأمر الذي ينعكس في مستوى إنجازاتهم وفاعليتهم في فرقهم أو لجانهم التطوعية الذي بدوره يؤثر على مجمل أداء المتطوعين الآخرين. وعادة يرى مشرف اللجنة أو قائد الفريق نفسه في موقع حرج فهو لا يستطيع أن يجبر المتطوع على أداء مهامه بالسلطة الرسمية التي يملكها . فالسلطة الرسمية للمشرف أو القائد هي سلطة تشريفية يتقلدها كونه صاحب المبادرة أو جاءت به أصوات الناخبين من الأعضاء وأن أقصى ما يمكنه هو إنفاذ اللوائح والتعليمات التي ايضاً هي الأخرى تتحاشى كثيرا قضية إخلال المتطوعين بالتزامهم، أو تكون قيد التعطيل إذا ذكرت في إطار التنظيم واللائحة . إن القادة أو المشرفين على المتطوعين لا بد أن يدركوا تحديات العمل مع المتطوعين والتحلل من الالتزام هو أحد هذه التحديات ، فإذا كانت السلطة الرسمية في المؤسسات الخدمية والربحية تمنح المدير أو القائد القوة القانونية من خلال قوانين المؤسسة التي تمنحه الشرعية في إصدار الأوامر، وإلزام المرؤوسين بتنفيذ هذه الأوامر، فإن مشرفي وقادة الفرق التطوعية لا يمتلكون هذه السلطة . فهي قضية مؤرقة لا سيما أن العمل التطوعي يتسم بالودية والأخوية التي يحرص أعضاء الفريق على صيانتها والمحافظة عليها لدرجة تعتلي مصلحة العمل في كثير من الأحيان . فالمتطوع هو الذي يدير العمل وليس المشرف عليه أو القائد وإن بدا هذا ظاهراً، فالمتطوع هو من يختار العمل المناسب والوقت المناسب لأداء هذا العمل وليس الموظف هو من يقبل الوظيفة، وسلطة الراتب يمكنك محاسبة الموظف على أي تقصير ، في حين ليس لك ذات السلطة على المتطوع، فهو يأتي مختاراً لا مجبرا . كما أن قبولك بالاستعانة بالمتطوعين يعني قبولك بآرائه وطريقة أداء عمله، فهو غير مطالب بإنجاز العمل بالطريقة التي تعتقد أنها الأصح، ما دامت تؤدي للنتائج المطلوبة . هذه التحديات ينبغي إدراكها بوعي عميق في العمل مع المتطوعين وأن يتحلى القادة ومشرفو الأعمال التطوعية بقدر كبير من التأثير والمعرفة والخبرة التي تولد قوة الشخصية يمكن بها الاستعاضة عن السلطة الرسمية إلى سلطة غير رسمية وهي سلطة الإعجاب ويتأتى هذا النوع من القيادة والتأثير نتيجة إعجاب المرؤوسين أي المتطوعين بشخصية قائدهم أو مشرفهم، واعتزازهم بالانتماء له، والالتفاف حوله، لما يملكه من شخصية ساحرة وجذابة وقوية.